الأمر الثّالث : قد اشتهر بين الأصحاب (١) ، أوّلا : أنّ الصّحّة والفساد مساوقتان للتّمام والنّقص حسب العرف واللّغة ، وثانيا : أنّهما متقابلان تقابل العدم والملكة ، وثالثا : أنّهما وصفان إضافيّان ؛ ولكن لا يمكن المساعدة على شيء منها.
أمّا المساوقة للتّمام والنّقص بحسب العرف واللّغة ، فلأنّها غير ثابتة ، بل الثّابت خلافه ، نظرا إلى إطلاق النّقص والتّمام في الأجزاء ولو باعتبار الغلبة ، وإطلاق الصّحّة والفساد في الكيفيّات والاوضاع كذلك ، ألا ترى ، أنّهم يطلقون التّمام والنّقض في مورد الأجزاء فيقولون : مثلا «يد ناقصة» عند قطع بعض أجزائها ، لا «يد فاسدة» أو يقولون : «دار تامّة» و «كتاب تامّ» عند وجود تمام أجزائهما ، لا «دار صحيحة» ولا «كتاب صحيح» وهكذا ، بخلاف الصّحّة والفساد ، فإنّهم يطلقونهما في مورد الكيفيّات ويقولون : مثلا ، «فاكهة صحيحة» أو «فاسدة» لا «تامّة» أو «ناقصة».
أمّا المقابلة بين الصّحّة والفساد بالعدم والملكة ، فلأنّ الصّحّة كيفيّة وجوديّة ملائمة ، والفساد كيفيّة وجوديّة منافرة ، فيقع التّضادّ بينهما ، لا العدم والملكة ، كما بين النّقص والتّمام.
هذا ما في العرف واللّغة ، نعم ، تساوق الصّحّة والفساد مع النّقص والتّمام فى مثل العبادات والمعاملات ، فتكون المقابلة بينهما تقابل العدم والملكة ، كما هو كذلك بين النّقص والتّمام.
ألا ترى ، أنّهم يقولون : «صلاة صحيحة ، أو فاسدة» باعتبار الجامعيّة للأجزاء والشّرائط ، وعدم الجامعيّة لهما ، وكذا يقولون : «إجارة صحيحة وفاسدة» أو «مناكحة
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٢٦.