فما عن المحقّق الخراساني قدسسره (١) من الالتزام بمجعوليّة الصّحّة والفساد في المعاملات ، بتقريب : أنّ ترتّب الأثر عليها منوط بجعل الشّريعة ، وإلّا فلا يترتّب الأثر عليها.
غير ظاهر الوجه ، اللهمّ إلّا أن يكون مراده قدسسره هو جعل الأثر والمسبّب تلو الألفاظ والأفعال ، كجعل السّببيّة لهما ، لكن لا يخفى عليك ، أنّ هذا غير جعل الصّحّة والفساد.
ومن هنا انقدح ، أنّه لا وجه للتّفصيل بين الظّاهريّة والواقعيّة ؛ إذ جعل الصّحّة الظّاهريّة ، كصحّة الصّلاة بلا سورة حال الجهل ، فهو في الحقيقة يرجع إلى التّصرّف في المتعلّق برفع اليد عن الشّرطيّة والجزئيّة ، ومن المعلوم : أنّ الانطباق حينئذ قهري ، فتتّصف الصّلاة مع عدم السّورة بالصّحّة عقلا ، لا شرعا.
الأمر الرّابع : إذا وقع الشّكّ في مثل المقام ، هل هنا أصل يعوّل عليه ، لرفع الشّك ، أم لا؟
والتّحقيق في ذلك يقتضي أن يقال : إنّ الشّكّ تارة يقع في المسألة الاصوليّة بأن يشكّ في دلالة النّهي على الفساد ، أو في كونه ملازما له ، أم لا؟ واخرى يقع في المسألة الفرعيّة بأن يشكّ في الفساد وعدمه.
أمّا الشّكّ في المسألة الاصوليّة ، فالحقّ ، أنّه لا أصل فيها كي يرجع إليه لرفع الشّكّ ؛ إذ أوّلا : لا حالة سابقة لكلّ واحد من الملازمة والدّلالة حتّى يوهم جريان الاستصحاب عند الشّكّ فيهما ؛ وذلك ، لأنّ الملازمة من الأحكام العقليّة غير
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٩٠.