المستقلّة ، يدور أمرها بين الوجود والعدم في الأزل ، فلو كانت الحرمة ملازمة للفساد لكانت كذلك أزلا ، وإلّا لم تكن كذلك أزلا.
وعليه : فالشّكّ فيها يرجع إلى الشّكّ في أصل ثبوت الملازمة وعدم ثبوتها في الأزل ، ومن المعلوم : أنّه لا أصل في مثل ذلك يعوّل عليه ، وهكذا الكلام في الدّلالة ، فإنّها تابعة للوضع ، والشّكّ فيها راجع في الحقيقة إلى الشّكّ في الوضع وعدمه ، وواضح ، أنّه لا حالة سابقة له ، بل أمره يدور بين الوجود والعدم ؛ إذ لو وضع لفظ : «النّهي» للفساد ، فهو موجود فعلا ولو وضع لغيره ، فهو ـ أيضا ـ موجود فعلا ، فلا أصل يعيّن دلالة اللّفظ وعدم دلالته.
وثانيا : لو فرض وجود الحالة السّابقه لهما ، فلا مجال للاستصحاب ـ أيضا ـ من جهة أنّ كلّ من الدّلالة والملازمة ليستا من الأحكام الشّرعيّة ، ولا من الموضوعات الّتي لها أحكام شرعيّة ، مع أنّه من المقرّر في محلّه ، أنّ المستصحب لا بدّ وأن يكون حكما شرعيّا ، أو موضوعا ذا حكم شرعيّ.
أمّا الشّكّ في المسألة الفرعيّة ، ففي مورد العبادات يقتضي الأصل الفساد ، إذا كان الملاك مشكوكا لعدم إحراز الملاك بعد عدم الأمر ، وقضيّة ذلك ليس إلّا فساد العبادة ، وإذا كان الملاك فيها معلوما محرزا قطعا يقتضي الأصل الصحّة ، وذلك ، نظير النّهي عن الضّدّ وهو الصّلاة ـ مثلا ـ النّاشي من الأمر بالشّيء وهو الإزالة ؛ وذلك ، لكفاية الملاك في الحكم بصحّة العبادة بلا حاجة إلى الأمر البتّة ، لما مرّ غير مرّة من أنّ عباديّة العبادة تتقوّم بأمرين : وهما : صلوحها للتّعبّد ، وقصد العامل للتّقرّب بها ، وعليه ، فعند الشّكّ في مانعيّة النّهيّ عن صحّة العبادة وكونه إرشادا إلى فسادها ، يرجع إلى البراءة.