وعليه ، فلا يفسد المشروط به من جهة السّراية ، بل يفسد من جهة اخرى وهو فقده لفقد شرطه وانتفائه بانتفائه ، كانتفاء الكلّ بانتفاء الجزء.
وأنت ترى ، أنّ هذا خارج عن محطّ الدّعوى ؛ ضرورة ، أنّ النّزاع إنّما هو في فساد العبادة المشروطة من جهة نفس النّهي عن الشّرط ، لا من جهة اخرى ، ومن هنا يظهر ، أنّ ما أشار إليه المحقّق الخراساني قدسسره بقوله : «فلا يكون حرمة الشّرط أو النّهي عنه موجبا لفساد العبادة ، إلّا في ما كان عبادة كي يكون حرمته موجبا لفساده المستلزم لفساد المشروط به» (١) يكون أجنبيّا عن مصبّ المنازعة.
هذا إذا لم يكن النّهي عن الشّرط إرشاديّا ، وإلّا فلا إشكال في فساد العبادة المشروطة به ، ولكن هذا الفرض خارج عن مورد النّزاع ، كما عرفت ذلك في الجزء.
المورد الثّالث : في تعلّق النّهي بالوصف اللّازم للعبادة ، كالنّهي عن الجهر أو الإخفات في القراءة (٢) ، والحكم فيه ـ حسب الأنظار العرفيّة ـ هو كون النّهي عنه موجبا للنّهي عن الموصوف ، حيث إنّ الظّهور العرفي يقتضي أن لا يكون للوصف مع قطع النّظر عن الموصوف هويّة وحقيقة بحيالها واستقلالها ، ومن هنا ، أنّ قولنا : «لا تجهر بقراءتك» مثلا ، يؤول عرفا إلى قولنا : «لا تقرأ جهرا ، أو لا تقرأ قراءة جهريّة» كما لا يخفى.
والنّتيجة : هو أنّ القراءة لو كانت بنفسها عبادة ، كان النّهي عن الجهر أو
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٩٢.
(٢) والمراد بكون الجهر أو الإخفات وصفا لازما للقراءة ، هو أنّه لو انتفى كلّ واحد منهما ، انتفت القراءة الجهريّة ، أو الإخفاتيّة ، بحيث لو فرض ثبوت القراءة لكانت قراءة اخرى غير هذا الصّنف.