الإخفات نهيا عنها ، وأمّا لو كانت جزءا أو شرطا للعبادة ، كان النّهي عنه نهيا عن جزء العبادة.
ثمّ إنّه قد انقدح ممّا ذكرنا ، أنّ باب الوصف والموصوف يفارق عن باب اجتماع العنوانين واتّحادهما مصداقا ، كما في باب اجتماع الأمر والنّهي ، نظير الصّلاة والغصب ، فلا ينبغي أن يقاس أحدهما بالآخر ، كما عن الإمام الرّاحل قدسسره حيث إنّه أدرج المقام تحت باب اجتماع الأمر والنّهي ، وهذه عبارته : «والعنوانان (عنوان القراءة والجهر) في محطّ تعلّق الأحكام مختلفان ، فلا يضرّ الاتّحاد مصداقا» إلى أن قال : «إنّ المقام من قبيل اجتماع الأمر والنّهي». (١)
وجه الانقداح هو ما عرفت آنفا : من أنّ النّهي عن الوصف حقيقتا هو النّهي عن الموصوف بذلك الوصف حسب النّظر العرفي وإن كانا عنوانين حسب النّظر الدّقي ، بل العرفي ـ أيضا ـ وعليه ، فليس في ما نحن فيه أمر بعنوان ونهي عن عنوان آخر كى يجتمع أحدهما مع الآخر تارة ، ويفترق اخرى ، كالصّلاة والغصب ، بل ليس هنا إلّا نهي فقط وهو النّهي عن الموصوف بالوصف الخاصّ الّذي يكون حصّة خاصّة.
وبعبارة اخرى : يكون النّهي عن الجهر بالقراءة هو النّهي عن القراءة الجهريّة الّتي تكون حصّة خاصّة من القراءة ، ومثل هذا ، يستحيل أن يكون نفسه مأمورا به ووصفه منهيّا عنه فعلا حتّى يندرج في باب الاجتماع ، فرجوع النّهي عن الوصف إلى النّهي عن الموصوف أمر عرفي ، وامتناع كونه حينئذ بنفسه مأمورا به مع
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٣٧.