«تذنيب»
قال المحقّق الخراساني قدسسره : «حكي عن أبي حنيفة والشّيباني دلالة النّهي على الصّحّة وعن الفخر أنّه وافقهما في ذلك». (١)
واختار قدسسره ذلك في المعاملات إذا كان النّهي فيها عن المسبّب أو التّسبيب دون السّبب ؛ معلّلا بقوله : «لاعتبار القدرة في متعلّق النّهي ، كالأمر ، ولا يكاد يقدر عليهما إلّا في ما كانت المعاملة مؤثّرة صحيحة». (٢)
وقد ذكر ـ أيضا ـ لتقريب هذا المسلك وجوه :
منها : أنّ النّهي ، كالأمر لا يتعلّق إلّا بالمقدور ، فلو كان المنهي عنه فاسدا فاقدا للأثر بالنّهي ، لكان غير مقدور بلا فرق بين كون النّهي كاشفا عن فساده أو سببا له ، فيصير النّهي المولويّ التّحريميّ عنه لغوا ، أو يلزم من وجوده عدمه ، حيث إنّ المفروض ، هو استناد فساد المنهيّ عنه إلى النّهي وفساده يوجب انتفاء النّهي وانعدامه ، لكون المنهيّ عنه حينئذ غير مقدور.
منها : ما عن الإمام الرّاحل قدسسره حيث قال : «إنّ النّهي لا يصحّ إلّا عمّا يتعلّق به القدرة ، والمنهيّ عنه هو وقوع المعاملة مؤثّرة صحيحة ، فلو كان الزّجر عنه مقتضيا للفساد ، يلزم أن يكون سالبا لقدرة المكلّف ، ومع عدم قدرته يكون لغوا ، فلو كان صوم يوم النّحر ، والنّكاح في العدّة ممّا لا يتمكّن المكلّف من إتيانهما ، يكون النّهي عنهما لغوا لتعلّقه بأمر غير مقدور». (٣)
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٩٩.
(٢) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٩٩ و ٣٠٠.
(٣) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٣٥.