استند إليها القائل بعدم التّداخل ، فلا حاجة إليها ، مضافا إلى ما عرفت من الإشكال في بعضها.
(مقتضى الأصل العملي)
واعلم ، أنّه لو لم يحرز التّداخل وعدمه في الأسباب إثباتا ويصل الدّور إلى الشّكّ ، فلا مناص إذا من الرّجوع إلى الأصل العملي ، فهل مقتضاه هو التّداخل ، أم لا؟ وجهان :
والحقّ هو الأوّل ؛ لرجوع الشّكّ إلى ثبوت تكليف زائد على المتيقّن ، والبراءة يقتضي عدمه ، فإذا لو بال المكلّف أو نام مرّة ثانية ، أو بال بعد النّوم أو بالعكس ، ويشكّ في وجوب الوضوء ثانيا ، تجري البراءة بالنّسبة إلى الوضوء الثّاني ، ونتيجته ، كفاية وضوء واحد وهو التّداخل. هذا كلّه بالنّسبة إلى تداخل الأسباب.
أمّا تداخل المسبّبات وعدمه ، فالقاعدة تقتضي العدم ؛ ضرورة ، أنّ تعدّد الامتثال إنّما هو بتعدّد التّكليف ، والمفروض ، أنّ التّكليف بناء على عدم تداخل الأسباب ، ـ كما هو الحقّ ـ متعدّد ؛ بداهة ، أنّ مقتضى عدم تداخلها هو أنّ كلّ سبب خاصّ يستدعي تكليفا خاصّا ، وكلّ تكليف خاصّ ـ أيضا ـ يستدعي امتثالا خاصّا على حدّة ، كما هو واضح ، وعليه ، فالاشتغال اليقيني بتكاليف متعدّدة يقتضي هو البراءة اليقينيّة ، وهي لا تحصل إلّا بتعدّد الامتثال وعدم الاكتفاء بواحد.
نعم ، إذا دلّ دليل خاصّ على جواز الاكتفاء بواحد ، فلا مناص إذا من القول بالتّداخل ، نظير ما ورد في باب الأغسال المتعدّدة من الرّوايات الدّالّة على إجزاء غسل واحد عند اجتماع الأسباب ، وفيها صحاح وموثّقات.