الإثبات ، وكذلك العكس ؛ بمعنى : أنّه يفيد الحصر ، إلّا أنّه لا يكون من باب المفهوم ، بل يكون من باب المنطوق ، فقولنا : «إلّا زيدا» في «أكرم القوم إلّا زيدا» معناه : «لا تكرم زيدا» فهنا جملتان متخالفتان من حيث الموضوع ، كتخالفهما من حيث الإيجاب والسّلب ، لا أنّ لهما موضوعا واحدا منحفظا ، كما يكون ذلك في باب المنطوق والمفهوم.
ويدلّ على ما قلنا : هو الارتكاز العرفي والتّبادر ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ هذا البحث ليس له ثمرة فقهيّة من جهة عدم كون المنطوق والمفهوم موضوعين للأحكام ، كما لا ثمرة عمليّة اصوليّة له ـ أيضا ـ من جهة أنّ الملاك هنا هو الظّهور منطوقا كان أو مفهوما ، بمعنى : أنّ الظّاهر هي الحجّة وعند دوران الأمر بين الظّاهر والأظهر ، فالمتّبع هو الأظهر ولو كان مفهوما ، كما أشار إلى ذلك ـ أيضا ـ المحقّق الخراساني قدسسره. (١)
فتحصّل : أنّه لا خلاف ولا إشكال في أنّ كلمة : «إلّا» بمعنى : الاستثناء ، يفيد الحصر.
نعم ، خالف ذلك أبو حنيفة مستدلّا بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا صلاة إلّا بطهور» (٢) و «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (٣).
بتقريب : أنّ كلمة : «إلّا» ـ في الجملتين المذكورتين ـ لو دلّت على الحصر لزم أن تكون الصّلاة مع الطّهور وحده أو مع الفاتحة وحدها ـ منفكّة عن الأجزاء
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٢٨.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٩ من ابواب احكام الخلوة ، الحديث ١ ، ص ٢٢٢.
(٣) مستدرك الوسائل : ج ٤ ، كتاب الصّلاة ، الباب ١ ، الحديث ٥ ، ص ١٥٨.