فتوقّف عدم الضّدّ على وجود الآخر يكون فعليّا ، فيلزم الدّور.
منها : ما أشار إليه الإمام الرّاحل قدسسره (١) : محصّله : أنّه لا ريب في كون الضّدّين عرضيين وعدم كون أحدهما مقدّمة للآخر ؛ ولكن لمّا كان بينهما غاية التّنافي والتّعاند ، يمتنع اجتماعهما في محلّ واحد وزمان فارد. وهذا أوجب أن يقارن وجود أحدهما عدم الآخر. وعليه : فلو كان وجود كلّ منهما متوقّفا على عدم الآخر لزم الخلف.
بتقريب : أنّه لو قلنا : بتوقّف وجود الإزالة ـ مثلا ـ على عدم الصّلاة ، كان عدمها متقدّما على الإزالة بمقتضى المقدّميّة ، ولازمه تقدّم الصّلاة ـ أيضا ـ على الإزالة ؛ ضرورة ، أنّ عدم الصّلاة نقيض لها والنّقيضان في رتبة واحدة لا ترتّب بينهما ، وهكذا الأمر في الصّلاة ، فلو قلنا : بتوقّفها على عدم الإزالة كان عدمها متقدّما على الصّلاة بمقتضى المقدّميّة ، فيكون نفس الإزالة ـ أيضا ـ متقدّمة عليها ، لكون النّقيضين في رتبة واحدة ، وهذا هو الخلف ؛ حيث يلزم من تقدّم عدم كلّ منهما على وجود الآخر ، ومن تقدّم وجود كلّ منهما على وجود الآخر ، تقدّم المتأخّر وتأخّر المتقدّم.
هذا كلّه في الطّريق الأوّل وهو المقدّميّة ، وقد عرفت : بطلانه وأنّه لا يعقل أن يكون ترك أحد الضّدّين مقدّمة لفعل الآخر.
أمّا الطّريق الثّاني وهو الملازمة ، فتقريبه : أنّه لا ريب في أنّ وجود كلّ واحد من الضّدّين ، يلازم عدم الآخر ، وكذلك العكس ، كما أنّه لا ريب ـ أيضا ـ في أنّ المتلازمين لا يحكمان بحكمين مختلفين في وقت واحد وزمن فارد ، بلا فرق بين أن يكون
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٢٢٩.