تذنيب :
يظهر من المحقّق الخراساني قدسسره أنّ منشأ انقسام العموم إلى الأقسام الثّلاثة المتقدّمة هو اختلاف كيفيّة تعلّق الأحكام بالعامّ ، ولو لا ذلك ، فليس في البين انقسام ؛ إذ العموم في الجميع ، بمعنى : واحد وهو شمول المفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه.
ولكنّه محلّ تأمّل ؛ إذ لا شبهة في أنّ الموضوع كان في رتبة متقدّمة على الحكم وبمنزلة العلّة له ، كما لا شبهة في أنّ الحكم تابع للموضوع ومتقوّم به ، بمعنى : أنّه لا بدّ أوّلا : من تحقّق الموضوع وتقرّره في أصل وجوده وفي كيفيّة حصوله من الإطلاق والتّقييد أو العموم والخصوص ، أو كيفيّة العموم من الاستغراق وغيره ، ثمّ ترتّب الحكم عليه وتعلّقه به ثانيا.
وبعبارة اخرى : أنّه لا مناص من أن يتعيّن الموضوع بجميع جهاته وشئونه ثبوتا ، ومن أن يتعيّن كذلك بما يدلّ عليه ويحكي عنه إثباتا ، ثمّ يتصوّر الحكم عليه في القضيّة المعقولة وينشأ الحكم عليه في القضيّة الملفوظة ، فالموضوع متقدّم على الحكم في الوجود وطوره.
وعليه : فلا يمكن أن يجيء كيفيّة عموم الموضوع ، كأصل عمومه ووجوده من قبل حكمه.
ويشهد له : أنّه لو كان كذلك ، لكان اللّازم في المحاورة العرفيّة والخطابات العقلائيّة لحاظ الحكم أوّلا ، ثمّ لحاظ تعلّق الحكم بالعامّ ثانيا ، ثمّ لحاظ كيفيّة تعلّق الحكم وتحصيلها بمعونة القرائن ثالثا ، ثمّ استكشاف كيفيّة عموم الموضوع والعامّ من