الأقلّ من الدّرهم ـ المحرز أقلّيّته بالوجدان ـ من حيض ونحوه ، فالأقلّيّة محرزة بالوجدان ، وعدم الحيضيّة ونحوها محرز بالأصل ، وهما معا موضوع لعمومات العفو ، وهذا مبتن على حجّيّة الاستصحاب الأزليّ.
ثانيهما : البراءة عن مانعيّة هذا الدّم عن الصّلاة.
كما أنّه ، لعلّ وجه عدم العفو والبناء على الاحتياط ، في الصّورة الثّانية هو استصحاب عدم كون الدّم أقلّ من الدّرهم ، حيث إنّ المخصّص عنوان وجوديّ ، فلا مانع من التّمسّك بأصالة عدمه ، عند الشّكّ فيه.
نعم ، يمكن أن يقال (١) : بمعارضة هذا الاستصحاب ، باستصحاب عدم كون الدّم أكثر من الدّرهم ، أو عدم كونه بقدر الدّرهم ؛ إذ كما أنّ الأقلّ ذو أثر وهو العفو وعدم المنع ، كذلك المساوي والأكثر ، وأثرهما هو المنع وعدم العفو.
ولا ريب : أنّ نتيجة هذه المعارضة هو تساقط الأصلين والرّجوع إلى أصل البراءة عن المانعيّة ، كما هو الشّأن في جميع موارد الاصول المسبّبيّة ، حيث تجري مع ابتلاء الاصول السّببيّة بالمعارض ، فالحكم حينئذ في الصّورة الثّانية ـ أيضا ـ هو العفو ، لا الاحتياط.
اللهمّ إلّا أن يقال : باستناد السّيّد قدسسره في حكمه بعدم العفو والاحتياط في الصّورة الثّانية إلى الاشتغال اليقيني الّذي يقتضي الفراغ اليقيني ، فلو صلّى مع هذه الدّم المشكوك لم يحصل اليقين بفراغ الذّمّة بعد ما اشتغلت يقينا.
وكيف كان ، لا يمكن إحراز أنّ حكمه قدسسره في الصّورتين كان على أساس جواز
__________________
(١) هذا إنّما يتم في فرض عدم كون الاستصحاب المعارض مثبتا ، فتأمّل.