الشّيء مبغوضا إذا كان ذلك الشّيء محبوبا ، وهذا بخلاف الضّدّين ، فلا يرى العرف أحدهما مبغوضا إذا كان الآخر محبوبا ، إلّا بملاك أنّ ترك أحدهما حيث يكون لازما لفعل ذلك الآخر المحبوب أو مقارنا له يصير محبوبا ، ولازم ذلك أن يكون نقيضه وهو الفعل مبغوضا.
وهذا كما ترى ؛ إذ إنّما يتمّ ذلك إذا يسري محبوبيّة أحد الضّدّين إلى ما هو المقارن له وهو ترك الضّدّ الآخر ، مع أنّه من الواضح عدم سراية محبوبيّة الشّيء إلى ملازمه فضلا عن مقارنه.
وثالثا : أنّه لو قلنا : باستلزام الأمر بأحد الضّدّين للنّهي عن الآخر في ما لا ثالث لهما ، فلا وجه للحصر ؛ إذ ملاك هذا الاستلزام وهو ملازمة وجود أحدهما لترك الآخر ، وعليه : فلا فرق بينهما. نعم ، يفرق بينهما في أنّ عدم أحدهما مستلزم لوجود الآخر ـ أيضا ـ في الأوّل دون الثّاني ، لإمكان ارتفاعهما معا ، ولكن هذا أمر آخر أجنبيّ عمّا ذكر من الملاك.
وإن شئت ، فقل : إنّ ملاك الاستلزام هي الملازمة ، أو المقارنة في الوجود ، بمعنى : ملازمة وجود أحدهما لعدم الآخر أو مقارنته ، وهذا موجود في كلّ ضدّ بالإضافة إلى ضدّه ، سواء كان لهما ثالث ، أم لم يكن. هذا كلّه في الضّدّ الخاصّ.
(الضدّ العامّ)
وأمّا الضّدّ العامّ ، فقد اختلفت كلمات الأعلام في اقتضاء الأمر بالشّيء