ومن هنا يظهر ، أنّه لا وجه لما عن المحقّق الخراساني قدسسره (١) وتلميذه المحقّق النّائيني قدسسره من الفرق بين الفحصين ، بأنّ الفحص في الاصول اللّفظيّة إنّما هو عن المانع والمزاحم للحجّة وهو الظّهور المنعقد للعامّ في العموم ، نظرا إلى كون المخصّص منفصلا حسب الفرض ، وهذا بخلاف الاصول العمليّة ، فإنّه يكون لتتميم المقتضي والحجيّة.
(الفصل الثّالث : الخطابات الشّفاهيّة)
هل الخطابات الشّفاهيّة ، نظير «يا أيّها المؤمنون» تختصّ بالحاضر مجلس التّخاطب ، أو تعمّ غيره حتّى المعدومين ، فضلا عن الغائبين؟ فيه اختلاف بين الأعلام ، ذهب كلّ إلى مسلك ، ولكن نقل الأنظار والآراء منهم ، وكذا نقدها ممّا لا طائل تحته ؛ ولذا نكتفي ببيان ما ينكشف به القناع عن وجه المسألة وهو يتمّ ببيان أمرين :
الأوّل : ما أفاده الإمام الرّاحل قدسسره في مجلس درسه ، محصّله : أنّ الأحكام الإلهيّة تلاحظ من جهتين ، الاولى : من جهة أنّها عامّة كليّة قانونيّة موجّهة إلى عناوين عامّة شاملة ، كعنوان «النّاس» ، «المؤمنون» ونحوهما ، بخطاب واحد من دون تعدّد وتكثّر فيه ، بل التّعدد إنّما هو في ناحية المتعلّق والموضوع.
وتوهّم الانحلال إلى خطابات وأحكام حسب تعدّد المكلّفين ، مدفوع بشاهد وثلاثة دلائل ، أمّا الشّاهد فهو وجدان الشّخص في خطاباته ، حيث إنّه إذا دعا قومه لإنجاز عمليّة أو لرفع بليّة بخطاب واحد ، هم فيه شرع سواء ؛ وأمّا الدّلائل ، فأحدها : لزوم اللّغويّة بعد كفاية الخطاب الواحد بلا تكلّف وعناية ، ككفاية نداء
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٥٤ ؛ وراجع ، فوائد الاصول : ج ١ و ٢ ، ص ٥٣٩ و ٥٤٠.