ومضافا إلى أنّ المقصود بالإفهام من خطابات القرآن الكريم ، قاطبة المكلّفين إلى قيام يوم الدّين ، ففي الأخبار (١) أنّه يجري كما يجري اللّيل والنّهار ، أو كما تجري الشّمس والقمر ، فهو تبيان ونور وشفاء لما في الصّدور إلى يوم ينفخ فيه الصّور ، وعليه ، فالكلّ مقصودون بالإفهام ، ولكن كلّ في ظرفه ووعائه من الحاضرين والغائبين ومن الموجودين والمعدومين إلى يوم الدّين.
(الفصل الرّابع : تعقّب العامّ بضمير يرجع إلى بعض)
هل تعقّب العامّ بضمير يرجع إلى بعض أفراده يوجب تخصيصه به ، أم لا؟
هنا أقوال ولكن قبل الورود في ذكرها وبيان ما هو الحقّ المختار ، لا بدّ من تحرير محل النّزاع ، فنقول : لا نزاع في أنّ العامّ المتعقّب بالضّمير لو لم يكن موضوعا للحكم مستقلّا ، بل يحتاج إلى ضمير يعقّبه ، يكون مخصّصا بهذا الضّمير ، نظير قوله تعالى (الْمُطَلَّقاتُ أَزْواجَهُنَ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ)(٢) فإنّ «المطلقات» عامّ والضّمير في كلمة : «أزواجهنّ» يرجع إلى بعض أفراده وهي «الرّجعيات» ويوجب تخصيص العامّ ، فيراد منه «الرّجعيّات» فقط ، كما هو واضح.
وكذا قوله تعالى (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ)(٣) فإنّ الضّمير في جملة «يتربّصن» راجع إلى بعض أفراد العامّ (المطلّقات) وهو غير الصّغيرة واليائسة وغير المدخول
__________________
(١) راجع ، الاصول من الكافي : ج ٢ ، ص ٤٣٩ ، الحديث ٧ و ٨.
(٢) سورة البقرة (٢) : الآية ٢٢٨.
(٣) سورة البقرة (٢) : الآية ٢٢٨.