للعامّ ، بين كونه مفهوميّا أو منطوقيّا فيلاحظ الخاصّ المستفاد من المفهوم مع العامّ عند المعارضة ، مثل ملاحظة الخاصّ المستفاد من المنطوق مع العامّ كذلك ، وهو أنّه لو كان أحدهما أظهر من الآخر أو نصّا وجب الأخذ به ، وإلّا ففي مادّة المعارضة ، كما إذا كانت النّسبة بينهما عموما من وجه يتساقطان ، والمرجع حينئذ هي الاصول العمليّة لو لم يكن هنا دليل آخر من الأدلّة الاجتهاديّة.
ونتيجة ذلك هو ، أنّه ليست المفهوميّة لمكان التّبعيّة ملاك الوهن ، ولا المنطوقيّة لمكان الأصالة ملاك القوّة ، بل حال العامّ المنطوق مع الخاصّ المفهوم ، كحاله مع الخاصّ المنطوق ، وملاك التّقديم فيما إذا كانت النّسبة بينهما عموما وخصوصا مطلقا هي الأظهريّة أو النّصّية مطلقا ، كما أنّ ملاك التّعارض والتّساقط فيما إذا كانت النّسبة عموما من وجه هو التّساوي في الظّهور.
نعم ، قد يكون العامّ أظهر من الخاصّ ، فلا يخصّص به ، بل يقدّم عليه ، كما قد يقال : بتقديم عموم العلّة في آية النّبإ (١) على مفهوم الوصف أو الشّرط فيها ـ على تقدير تسليمه ـ بتقريب : أنّ إصابة القوم بجهالة ، آبية عن التّخصيص ؛ إذ هو أمر قبيح فاسد مطلقا ولو كان المخبر عادلا ، فعموم العلّة مانع عن انعقاد ظهور مفهوميّ ، وعليه ، فيقدّم على المفهوم.
ثمّ إنّه يظهر ممّا ذكرنا : أنّ ما اختاره المحقّق الخراساني قدسسره (٢) وغيره في المسألة من التّفاصيل ، لا يختصّ بالمفهوم ، بل يجري في المنطوق ـ أيضا ـ فلا حاجة بنا إلى نقلها ونقدها.
__________________
(١) (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ،) سورة الحجرات (٤٩) : الآية ٦.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٦٣ و ٣٦٤.