واللّابديّة عند ما إذا اعتبر المولى فعلا على عهدة العبد بلا نصب قرينة على جواز تركه ، فيكون حينئذ أمرا عقليّا انتزاعيّا لا تركّب فيه ، كما اختاره بعض الأعاظم قدسسره. (١) وإمّا حكم مجعول شرعيّ ، فيكون ـ أيضا ـ بسيطا لا جزء له ، جنسا أو فصلا. نعم ، الممنوع من التّرك يكون من خواصّ الوجوب ولوازمه ، بمعنى : أنّه لو التفت الآمر إلى التّرك ، لما كان راضيا به ، لا محالة وكان يبغضه البتّة ، كما أشار إليه المحقّق الخراساني قدسسره. (٢)
أمّا القول بالالتزام ، فغاية ما يقال في تقريبه : أنّ الأمر بالشّيء إنّما يكون لمحبوبيّة فعله ، ولازم ذلك هي مبغوضيّة تركه ، فالأمر به لتلك المحبوبيّة يستلزم النّهي عن تركه لهذه المبغوضيّة.
وفيه : أنّ محبوبيّة الشّيء ـ ولو كانت شديدة ـ لا تستلزم مبغوضيّة تركه حقيقتا ؛ لعدم ملاك البغض في التّرك ، غاية الأمر : أنّ في الفعل ملاك الحبّ.
ومن هنا ، يكون إسناد المبغوضيّة إلى التّرك بالعرض والمجاز ، كما أنّ إسناد المحبوبيّة إلى ترك المبغوض فعله ، يكون بالعرض والمجاز ؛ لعدم ملاك الحبّ في التّرك ، بل في الفعل ملاك البغض.
والحاصل : أنّ التّرك ممّا لا حبّ ولا بغض فيه ، بل هما يتعلّقان بالفعل.
(ثمرة النّزاع في المسألة)
اعلم ، أنّ ثمرة البحث عن اقتضاء الأمر بالشّيء للنّهي عن ضدّه ، إنّما تظهر في
__________________
(١) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٣ ، ص ٤٩ ، ٥٠ و ٦٦.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢١١.