(الفصل السّادس : الاستثناء المتعقّب للجمل)
إذا تعقّب الاستثناء للجمل المتعدّدة ، فهل هو ظاهر في رجوعه إلى الكلّ أو خصوص الأخيرة ، أم ليس كذلك ، بل لا بدّ في التّعيين ، من قرينة؟
ولنبدأ قبل التّحقيق في المسألة بذكر المثال لذلك وهو قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا)(١) فإنّ الاستثناء وهو قوله تعالى (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) تعقّب للجمل الثّلاث : أحدها قوله تعالى (فَاجْلِدُوهُمْ) ثانيها قوله تعالى (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ) ثالثها قوله تعالى (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ.)
إذا عرفت المثال ، فنقول : إنّ المسألة ذات أقوال أربعة :
الأوّل : أنّ الاستثناء ظاهر في رجوعه إلى خصوص الجملة الأخيرة ، وأنّ رجوعه إلى غيرها وإن كان ممكنا ، ولكن يحتاج إلى قرينة.
الثّاني : أنّه ظاهر في رجوعه إلى الجميع وأنّ التّخصيص بالأخيرة محتاج إلى قرينة.
الثّالث : أنّه ليس ظاهرا في كليهما ، بل يكون مجملا ، نعم ، يكون الرّجوع إلى الأخيرة متيقّنا على كلّ حال.
الرّابع : أنّه راجع إلى الجميع في مورد ، وإلى الأخيرة فقط في مورد آخر ، ولا إلى الجميع ولا إلى الأخيرة في مورد ثالث ، وهذا القول يرجع إلى التّفصيل في
__________________
(١) سورة النّور (٢٤) : الآية ٤.