(الفصل الثّامن : دوران الأمر بين التّخصيص والنّسخ)
لو دار أمر الخاصّ المخالف للعامّ بين أن يكون تخصيصا أو نسخا ، فهل هنا مرجّح لأحدهما ، أم لا؟
والمسألة ذات صور خمس ؛ ثلاث منها واضح الحكم ولا خلاف فيها لأحد ، والاثنان منها وقع فيهما الخلاف بين الأعلام.
أمّا الصّور الثّلاث ، فالاولى : أن يكون الخاصّ متّصلا بالعامّ ، ولا ريب : أنّ الحكم فيها التّخصيص لا النّسخ ، بلا خلاف فيه ؛ لعدم انعقاد العموم حينئذ حتّى يجري فيه النّسخ والرّفع بالخاصّ.
كيف ، وأنّك عرفت في محلّه ، أنّ المخصّص المتّصل يكون من باب «ضيّق فم الرّكية» وهو رافع للظّهور فلا ينعقد معه العموم ، وهذا لا يناسب النّسخ الّذي معناه الرّفع ، حيث إنّ الرّفع متوقّف على الوضع ، والمفروض ، أنّه لا حكم موضوعا للعامّ كي يرفع وينسخ بالخاصّ المخالف.
والثّانية : أن يكون الخاصّ متأخّرا عن العامّ ، واردا قبل حضور وقت العمل به ، ولا ريب : أنّ الحكم فيها ـ أيضا ـ هو تعيّن التّخصيص وعدم إمكان النّسخ ؛ وذلك ، لأنّ الخاصّ لو كان ناسخا للزم الجهل في الجاعل «عزوجل» أو لغويّة الجعل ، وكلاهما ممنوعان.
توضيح ذلك : أنّ الجعل في الأوامر أو النّواهي الحقيقيّة ، قبال الاختباريّة ، إنّما يكون لغرض الدّاعويّة نحو الفعل أو التّرك ، فإذا علم الجاعل بعدم بلوغه إلى هذه