خاتمة :
والكلام فيها يقع في أمرين : الأوّل : في النّسخ ؛ الثّاني : في البداء.
(النّسخ)
أمّا الأوّل ، فمعناه في اللّغة (١) : هو الإزالة والرّفع ، فيقال : نسخت الشّمس الظّلة إذا أزالته ورفعته ؛ وفي اصطلاح الشّريعة : هو رفع الحكم برفع أمده وزمانه ، بمعنى : أنّ الحكم الثّابت بمقتضى إطلاق دليله من حيث الزّمان ، ينسخ ويرفع. هذا حسب مقام الإثبات.
وأمّا حسب مقام الثّبوت ، فمعناه : دفع الحكم بانتهاء أمده وانقضاء زمانه ، وعليه ، فلا يطلق النّسخ على ارتفاع الحكم عند ارتفاع موضوعه ، كارتفاع وجوب صوم رمضان بانقضاء شهره ، أو ارتفاع وجوب الحجّ بانتهاء موسمه.
إذا عرفت هذا ، فنقول : لا إشكال ولا كلام في إمكان النّسخ في عالم التّكوين ، وأدلّ الدّليل عليه ، وقوعه في الخارج كثيرا ، كما لا يخفى.
إنّما الكلام في إمكانه بالنّسبة إلى عالم التّشريع والجعل ، فالمشهور (٢) بين المسلمين هو الإمكان ، بل الوقوع ، كمسألة القبلة ونحوها ، ولكن عن اليهود والنّصارى امتناع ذلك ؛ بدعوى ، أنّ النّسخ يستلزم المحال ، والمستلزم للمحال يكون محالا.
__________________
(١) كتاب المصباح المنير : ج ١ ـ ٢ ، ص ٨٢٧.
(٢) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٥ ، ص ٣٢٩.