(البداء)
أمّا الثّاني (البداء) فلا ريب في أنّ معناه : هو الظّهور من «بدا ، يبدو ، بدوا» إلّا أنّ هذا الظّهور يلاحظ على وجهين :
أحدهما : أنّه يلاحظ بالنّسبة إلى نفس من حصل له البداء ، فيقال : فلان بدا له في الرّأي ، فمعناه : أنّه ظهر له ما كان مخفيّا عنه وعليه ؛ ثانيهما : أنّه يلاحظ بالنّسبة إلى غيره ، فيقال : فلان برز ، فبدا منه الشّجاعة ، معناه : أنّه ظهر منه ما كان مخفيّا عن النّاس وعليهم ، لا عنه وعليه.
ولا يخفى : أنّ ما ينسب إلى الله تبارك وتعالى من البداء ، إنّما هو من قبيل الوجه الثّاني ، بمعنى : أنّه ظهر منه تعالى شيء يكون مخفيّا على النّاس بحيث يحسبون خلاف ذلك ، لا أنّه من قبيل الوجه الأوّل ، بمعنى : ظهور شيء له تعالى الّذي كان مخفيّا عنه وعليه تعالى ؛ وذلك لبطلانه وفساده بالضّرورة عقلا ونقلا.
أمّا العقل ، فللزوم الجهل فيه تعالى عن ذلك علوا كبيرا ؛ وأمّا النّقل ، فتدلّ على بطلانه عدّة روايات :
منها : ما عن أبي عبد الله عليهالسلام : «ما بدا الله في شيء إلّا كان في علمه قبل أن يبدو له». (١)
ومنها : ما عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إنّ الله لم يبد له من جهل». (٢)
__________________
(١) اصول الكافي : ج ١ ، ص ١٤٨ ، الحديث ٩.
(٢) اصول الكافي : ج ١ ، ص ١٤٨ ، الحديث ١٠.