بعض ، يتمسّك بالإطلاق في تلك النّاحية الّتي كان بالنّسبة إليها في مقام البيان دون النّاحية الاخرى ، وهذا يوجد في غير موضع من الكتاب والسّنة ، كقوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ) حيث إنّه يتمسّك بإطلاقه لو شكّ في أنّه هل يعتبر في تذكية الحيوان خصوص الإمساك من الحلقوم ، أم لا؟ بل عضّ الكلب وجرحه على أيّ موضع من الحيوان ، يكون بمنزلة ذبحه ، والتّمسّك بهذا الإطلاق إنّما هو لأجل كون الآية في مقام البيان من هذه النّاحية.
وأمّا لو شكّ في طهارة محلّ الإمساك ونجاسته ، فلا مجال للتّمسّك بالإطلاق والحكم بطهارته ؛ وذلك ، لعدم كون الآية في مقام بيان هذه النّاحية ، فيحكم حينئذ بالنّجاسة.
وإن شئت ، فقل : إنّ الآية تكون في مقام بيان حلّيّة صيد الكلاب المعلّمة وأنّه مذكّى لا ميتة ، لا في مقام بيان حكم موضع الإمساك من حيث النّجاسة والطّهارة.
ثمّ إنّ المحقّق الحائري قدسسره قد خالف في دخل هذه المقدّمة ، فقال ما هذا لفظه : «هذا ، ويمكن أن يقال : بعدم الحاجة إلى إحراز كون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد في الحمل على الإطلاق عند عدم القرينة ، بيانه ، أنّ المهملة مردّدة بين المطلق والمقيّد ولا ثالث ؛ ولا إشكال أنّه لو كان المراد ، المقيّد يكون الإرادة متعلّقة به بالأصالة ، وإنّما ينسب إلى الطّبيعة بالتّبع لمكان الاتّحاد ، فنقول : لو قال القائل : «جئني بالرّجل» أو «برجل» يكون ظاهرا في أنّ الإرادة أوّلا وبالذّات متعلّقة بالطّبيعة ، لا أنّ المراد هو المقيّد ثمّ أضاف إرادته إلى الطّبيعة لمكان الاتّحاد ، وبعد تسليم هذا الظّهور تسري الإرادة إلى تمام الأفراد ، وهذا معنى الإطلاق». (١)
__________________
(١) درر الفوائد : ج ١ ، ص ٢٣٤.