ولكن هذا الكلام غير تامّ ، والوجه فيه ، ما أفاده الإمام الرّاحل قدسسره ونعم ما أفاد ، حيث قال ، ما ملخّصه : أنّ ما ذكره قدسسره من ظهور الإرادة في الأصليّة ، لا التّبعيّة ، مستفاد من المقدّمة المذكورة ؛ إذ لولاها ، لا دليل على أنّ المقيّد غير مراد ، وأنّ المراد بالأصالة هي الطّبيعة ؛ ضرورة ، أنّه يحتمل لولاها ، كان هنا قيد لم يذكره المولى ، فإحراز كون الطّبيعة واردا مورد الإرادة بالأصالة ، فرع إحراز كونه في مقام البيان دون الإهمال والإجمال ، لأنّ هذا ليس ظهورا وضعيّا ، بل حكم عقلائي ، بأنّ ما جعل موضوع الحكم هو تمام المراد لا بعضه ، فيحتاجون فى حكمهم هذا إلى هذه المقدّمة وأنّ المتكلّم كان في مقام البيان ، فلو كان لشيء دخل ، لكان عليه البيان ، وحيث لا بيان ، فلا دخل ، ويكون هو تمام المراد (١). هذا كلّه في المقدّمة الاولى.
أمّا المقدّمة الثّانية (انتفاء ما يوجب التّعيين) فالوجه في كونها دخلية في انعقاد الإطلاق ، هو أنّه مع وجود القرينة المتّصلة الدّالّة على التّقييد ، لا ينعقد ظهور في الإطلاق قطعا ، كالقرينة على التّخصيص على ما عرفت في مباحث العامّ ، ومع وجود القرينة المنفصلة وإن لم ينهدم الظّهور الإطلاقيّ ، لكن لا حجيّة له لكشفها عن عدم تتطابق الإرادتين (الاستعماليّة والجدّيّة).
هذا ، ولكن قد خالف في ذلك السّيّد البروجردي قدسسره فقال : «هي زائدة ، إذ البحث ، إنّما هو في صورة الشّكّ ، ومع وجود القرينة لا يكون شكّ في البين». (٢)
وكذا خالف فيه الإمام الرّاحل قدسسره فقال : «لا يخفى ، أنّها محقّقة لمحلّ البحث ،
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٧١ و ٧٢.
(٢) نهاية الاصول : ص ٣٤٣.