لأنّ التّمسّك بالإطلاق عند طريان الشّكّ ، وهو مع وجود ما يوجب التّعيين مرتفع ، فلو كان في المقام انصراف ، أو قرينة لفظيّة ، أو غيرها ، فالإطلاق معدوم فيه بموضوعه ؛ وبالجملة : فهي محقّقه لموضوع الإطلاق ، لا من شرائطه ومقدّماته». (١)
والحقّ هو عدم دخل تلك المقدّمة في تحقّق الإطلاق ، ووجهه ما عرفت من العلمين قدسسرهما من أنّ هذه المقدّمة تكون محقّقه لموضوع الإطلاق ، لا شرطا ومقدّمة له ، وقد أجادا فيما أفاداه قدسسرهما.
أمّا المقدّمة الثّالثة (انتفاء القدر المتيقّن في مقام التّخاطب) فالحقّ فيها ـ أيضا ـ عدم الدّخل في انعقاد الإطلاق ؛ وذلك ، لأنّ القدر المتيقّن على قسمين :
أحدهما : أن يكون خارجا عن مقام التّخاطب ، غير مستند إلى اللّفظ رأسا ، بل هو ثابت بحسب الإرادة المتكلّم لمكان القرائن ولو كانت من قبيل تناسب الموضوع والحكم ، وهذا هو المسمّى ب «المتيقّن الخارجي» ولا ريب : أنّ هذا القسم لا يكون مانعا عن التّمسّك بالإطلاق قطعا كي يقال : باشتراط انتفائه في التّمسّك به ؛ ضرورة ، أنّ كلّ مطلق لا يخلو من هذا المتيقّن ، فقوله : «أكرم عالما» مثلا ، يكون المتيقّن منه هو «الهاشمي التّقي» فهو المراد قطعا ، مع أنّك تعرف : أنّ هذا المتيقّن لا يوجب المنع عن الإطلاق بالنّسبة إلى سائر أفراد المطلق.
وبالجملة : لا يكون وجود مثل هذا المتيقّن مانعا عن الإطلاق ، أو عدمه شرطا له ؛ إذ جلّ المطلقات لو لا الكلّ لها قدر متيقّن خارجي قطعا ، فلو كان مخلّا بانعقاد الإطلاق لزم انسداد باب التّمسّك به.
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٧٢.