ثانيهما : أن يكون في مقام التّخاطب ، بمعنى : ثبوت قدر المتيقّن بحسب دلالة اللّفظ وظهوره ، لا بحسب الحكم وواقع الإرادة ، وهذا هو المسمّى ب «المتيقّن التّخاطبي».
والحقّ أنّ هذا القسم ـ أيضا ـ لا يمنع عن التّمسّك بالإطلاق ، خلافا للمحقّق الخراساني قدسسره فقال بمنعه عنه ، بتقريب : أنّ هذا المقدار المتيقّن ، لعلّه اتّكل المتكلّم على تيقّنه ، فهو مقطوع ، وما عداه مشكوك فلا إطلاق. (١)
والوجه فيما قلناه : هو أنّ المفروض ، عدم القرينة المتّصلة المانعة عن انعقاد الظّهور الإطلاقيّ ، ولا المنفصلة المانعة عن حجّيّة تلك الظّهور ، فالإطلاق قد انعقد واستقرّ ، فيكون حجّة قابلا للتّمسّك ، ومجرّد التّيقّن حسب التّخاطب ، لا يصلح لكونه قرينة مانعة عن انعقاده وحجّيّته ، إلّا أن يصل إلى حدّ الانصراف ، وهذا أمر آخر ، ألا ترى ، أنّه إذا سئل عن حكم بئر معيّنة ، فاجيب «ماء البئر واسع لا يفسده شيء» لا يشكّ أحد في إطلاق هذا الجواب بالنّسبة إلى جميع أفراد البئر وإن كان مورد السّؤال هو المتيقّن التّخاطبي ، نظير ذلك ، ما ورد في موثّقة ابن بكير ، سأل زرارة أبا عبد الله عليهالسلام : «عن الصّلاة في الثّعالب والفنك والسّنجاب وغيره من الوبر ، فأخرج كتابا زعم أنّه إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الصّلاة في وبر كلّ شيء حرام أكله ، فالصّلاة في وبره وشعره و... وكلّ شيء من فاسد ...». (٢)
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٨٤.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ٣ ، كتاب الصّلاة ، الباب ٢ من أبواب لباس المصلّي ، الحديث ١ ، ص ٢٥٠.