فلا يرتاب أحد في إطلاق جواب الإمام عليهالسلام بالنّسبة إلى جميع أفراد ما لا يؤكل لحمه ، مع أنّ المتيقّن التّخاطبي وهو مورد السّؤال ، موجود هنا.
ثمّ إنّه انقدح ممّا ذكرناه ، ضعف ما يقال : بكون المقدّمة الثّالثة ، كالثّانية من محقّقات الموضوع ، لا من الشّرائط والمقدّمات ، لتقوّم الإطلاق بعدم البيان ، فمع البيان لا مجال له. (١)
وجه انقداح الضّعف ، هو ما عرفت آنفا ، من أنّ الحقّ عدم منع المتيقّن التّخاطبي عن الإطلاق وأنّه لا يكون بيانا على التّقييد ، إلّا أن يصل إلى حدّ الانصراف.
ولقد أجاد المحقّق الحائري قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «ثمّ إنّ وجود القدر المتيقّن في مقام التّخاطب ، لا يضرّ بالحمل على الإطلاق ما لم يصل إلى حدّ الانصراف ... ويشهد لذلك أنّه لم يعهد من أحد من أهل اللّسان ، التّوقّف في حمل المطلقات الواردة في الموارد الخاصّة على الإطلاق ، والاقتصار عليها فقط ، لأنّها المتيقّن ، بل يتجاوزون عنها حتّى أنّه قد اشتهر أنّ العبرة بعموم اللّفظ ، لا خصوص المورد». (٢)
فتحصّل : أنّ المادّة المؤثّرة في انعقاد الإطلاق منحصرة بالمقدّمة الاولى وهو كون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد ، لا الإهمال والإجمال ؛ وأمّا المقدّمة الثّانية (عدم وجود القرينة المعيّنة) فهي دخيلة في تحقّق موضوع الإطلاق ، لا أنّها تعدّ من
__________________
(١) راجع ، نهاية الاصول : ص ٣٤٣.
(٢) درر الفوائد : ج ١ ، ص ٢٣٥.