وقد عرفت ما فيه من الوهن ، والخلوّ عن الدّقة.
وقد يقال ، أيضا : باندراج المطلق والمقيّد في باب اجتماع الأمر والنّهي ، نظير : «صلّ ولا تغصب» فلا تعارض بينهما على القول بالجواز ، وإلّا فيتعارضان.
وفيه : أنّ تلك المسألة عقليّة أجنبيّة عن أمثال مسألة المطلق والمقيّد ، وكذا العامّ والخاصّ ، ونحوهما من المسائل العرفيّة العقلائيّة ، وهذا واضح.
ثمّ إنّ الإمام الرّاحل قدسسره ـ بعد الإشارة إلى أنّ للتّوقف فيه مجالا ـ ذهب إلى أنّ الأظهر هو حمل المطلق على المقيّد ، وإبقاء النّهي على ظهوره ؛ معلّلا بقوله : «لأنّ التّنافي ، كما هو عرفيّ ، كذلك الجمع عرفيّ ـ أيضا ـ ولا شكّ أنّ لحاظ محيط التّشريع يوجب الاستيناس والانتقال إلى كونهما من باب المطلق والمقيّد ، لشيوع ذلك الجمع وتعارفه بينهم ، وأمّا جعل المطلق بيانا للنّهي وأنّ المراد منه هو الكراهة ، فهو جمع عقليّ لا يختلج بباله ، لعدم معهوديّة هذا التّصرّف ؛ ويمكن أن يقال : إنّ الهيئات بما هي معان حرفيّة لا يلتف إليها الذّهن حين التفاته إلى المطلق والمقيد والجمع بينهما ، وكيف كان ، فلا ينبغي الإشكال في حمل المطلق على المقيد في هذه الصّورة». (١)
ولكن يرد الإشكال على مواضع من كلامه قدسسره :
الأوّل : قوله قدسسره : «الأظهر هو حمل المطلق على المقيّد ...» فإنّ هذا القول خلف وعدول عمّا هو المفروض من مجهوليّة دلالة النّهي وعدم انعقاد الظّهور له في الحرمة أو الكراهة.
الثّاني : قوله قدسسره : «ولا شكّ أنّ لحاظ محيط التّشريع يوجب الاستيناس
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٧٧.