والانتقال إلى كونهما من باب المطلق ...» فإنّ هذا القول ليس إلّا إلحاق الشّيء بالأعمّ الأغلب ، فلو كان هنا ظهور ولا بدّ من إبقاء النّهي المقيّد على ظهوره وهي الحرمة ، فما معنى الجهل بالدّلالة؟ وما معنى الاستيناس للشّيوع والتّعارف؟
الثّالث : قوله قدسسره : «ويمكن أن يقال : إنّ الهيئات بما هي معان حرفيّة لا يلتفت إليها ...» فإنّه لا معنى لعدم الالتفات إلى الهيئات ، مع أنّ المفروض هو الالتفات إليها وإلى أصل دلالتها ، غاية الأمر : تكون الدّلالة مجهولة بالنّسبة إلى الحرمة والكراهة.
الرّابع : قوله قدسسره : «وكيف كان ، فلا ينبغي الإشكال في حمل المطلق على المقيّد ...» فإنّ هذا القول ـ أيضا ـ لا معنى له ؛ إذ من المحتمل أن يكون مفاد النّهي هي الكراهة ، فلا تنافي حينئذ في البين كي يوجب الحمل المذكور ، كما اشير إليه فيما إذا احرز وعلم أنّ النّهي تنزيهيّ.
فتحصّل : أنّه لا مناص في مثل المقام ، من الالتزام بالإجمال ، والرّجوع إلى قاعدة الاشتغال عند الشّكّ في تحقّق الامتثال بإتيان المقيّد الّذي تعلّق به النّهي وهو إعتاق رقبة كافرة في المثال المتقدّم ، فيجب تحصيل الفراغ اليقيني من طريق الاحتياط بإعتاق رقبة مؤمنة ، إلّا أن يقال : بعدم لزوم الاحتياط ، تمسّكا بأصالة عدم اشتراط الإيمان ، أو عدم مانعيّة الكفر ، أو بحديث الرّفع الّذي يقتضي البراءة عن اشتراط الإيمان ، أو عن مانعيّة الكفر ، فتأمّل جيّدا. هذا كلّه في الصّورة الاولى.
الصّورة الثّانية : أنّ المطلق والمقيّد متّفقان في الإثبات ، مع كون الحكم فيهما تكليفيّا إلزاميّا ، نظير قولنا : «أعتق رقبة ، وأعتق رقبة مؤمنة» فلا إشكال هنا في الحكم بحمل المطلق على المقيّد إذا احرز وحدة المطلوب بينهما ؛ وذلك ، لأجل التّنافي