حينئذ ، فلا بدّ من الجمع العرفيّ الدّلالي ، كما مرّ بيانه مفصّلا ؛ وكذا لا إشكال ـ أيضا ـ في الحكم بعدم الحمل المذكور إذا احرز تعدّد المطلوب بينهما بأن يكون كلّ واحد من المطلق والمقيّد مطلوبا للمولى ، إلّا أنّ المقيّد مطلوب عال والمطلق مطلوب دان ؛ إذ العرف حينئذ لا يرى التّنافي بينهما كي يعالج بالنّهج العرفيّ المذكور ، بل يجمع بينهما بحمل المقيّد على أفضل الأفراد ، إنّما الإشكال فيما إذا لم يحرز المطلوب رأسا ، لا وحدته ولا تعدّده.
فعن الإمام الرّاحل قدسسره هو حمل المطلق على المقيّد ، حيث قال في تقريب ذلك ، ما هذا لفظه : «إنّ ملاحظة محيط التّشريع وورود الدّليلين في طريق التّقنين ، توجب الاطمئنان بكونهما من هذا القبيل ، خصوصا تكرّر تقييد المطلقات من الشّارع». (١)
وفيه : أنّ هذا الكلام ، كما عرفت آنفا ، خلف وخروج عن مفروض البحث ؛ إذ مرجعه إلى صورة إحراز وحدة المطلوب ، كما لا يخفى.
والحقّ هنا ـ أيضا ـ هو الالتزام بالإجمال ، والرّجوع إلى قاعدة الاشتغال بالتّقريب الّذي مرّ آنفا ، من أنّ المطلوب لو كان واحدا ، لزم الحمل ، فلا يجوز الاكتفاء بغير مورد القيد ؛ ولو كان متعدّدا لزم عدم الحمل ، فيجوز الاكتفاء به ويحمل مورد القيد على أفضل الأفراد ، وأمّا مع عدم إحراز كلّ واحد منهما ، فيقع الإجمال ، ولا مرجع حينئذ ، إلّا الاشتغال والاحتياط ، لرجوع الشّكّ حينئذ إلى مرحلة الامتثال.
اللهمّ إلّا أن يمنع عن الاحتياط بإجراء أصالة عدم اشتراط الإيمان ، أو البراءة عنه ، أو عن مانعيّة الكفر ، كما عرفت في الصّورة الاولى.
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٧٨.