الصّورة الثّالثة : أنّ المطلق والمقيّد متّفقان في النّفي ، مع كون الحكم فيهما تكليفيّا إلزاميّا ، نظير قولنا : «لا تعتق رقبة ، ولا تعتق رقبة كافرة».
ذهب الإمام الرّاحل قدسسره (١) إلى لزوم حمل المطلق على المقيّد هنا إن كان في البين مفهوم ، وإلّا فلا ؛ ولكن ذهب قوم إلى عدم حمل المطلق على المقيّد ، معلّلين بعدم التّنافي بين انتفاء الحكم عن الطّبيعة وانتفاءه عن الفرد لكون التّأكيد بابا واسعا بل ادّعى بعضهم عدم الخلاف في المسألة ، كما عن العلّامة الحلّي قدسسره ؛ وبعضهم الإجماع فيها (٢) ، كما عن شيخنا البهائي قدسسره (٣) ؛ وبعضهم الاتّفاق فيها ، كما عن صاحب المعالم قدسسره (٤).
والحقّ ، إلحاق هذه الصّورة ـ أيضا ـ بالصّورة الثّانية ، فمع إحراز وحدة المطلوب ، يجب الحمل والتّقييد ، ومع إحراز تعدّده ، يجب عدمه ، ومع عدم إحراز الوحدة والتّعدّد ، تصير المسألة مجملة ، والمرجع عند الشّكّ في حرمة غير مورد القيد ، كعتق رقبة غير كافرة ، هي البراءة ؛ بداهة ، رجوع الشّكّ حينئذ إلى أصل التّكليف ، لا إلى مقام الامتثال بعد العلم بالاشتغال ، كما في الصّورة الثّانية. هذا كلّه مع عدم ذكر السّبب.
وأمّا مع ذكر السّبب في كلا الدّليلين ، ففي فرض تعدّده واختلافه ماهيّة ، مثل : «إن ظاهرت ، فأعتق رقبة» و «إن أفطرت ، فأعتق رقبة مؤمنة» لا حمل ؛ لعدم
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٧٩.
(٢) مطارح الأنظار : ص ٢٢٣ ، س ٤ و ٥.
(٣) زبدة الاصول : ص ١٤١.
(٤) معالم الاصول : ص ١٤٦.