التّنافي ، وفي فرض اتّحاده ماهيّة ، مثل : «إن أفطرت ، فأعتق رقبة» و «إن أفطرت ، فأعتق رقبة مؤمنة» لا بدّ من حمل المطلق على المقيّد ؛ لاستظهار وحدة المطلوب من وحدة السّبب.
ومع ذكر السّبب في أحد الدّليلين ، مثل : «أعتق رقبة ، وإن ظاهرت ، فأعتق رقبة مؤمنة» أو بالعكس ، بأن ذكر السّبب في المطلق دون المقيّد ، فلا حمل هنا ـ أيضا ـ لعدم وجود التّنافي بينهما حينئذ ؛ وذلك ، لأنّ العرف يرى : أنّ هنا واجبا لأجل الظّهار ، وواجبا آخر من غير سبب ولا شرط ، سواء حصل الظّهار ، أم لا.
ثمّ إنّ المحقّق النّائيني قدسسره بعد اختياره عدم حمل المطلق على المقيّد في المقام ، ذكر له وجها ، لا يخلو من دقّة وجودة ، وهو أنّ الحمل هنا مستلزم للدّور ، وأفاد في تقريبه ، ما هذا لفظه : «لأنّ حمل إطلاق متعلّق التّكليف في أحد الدّليلين على ما هو المقيّد في الدّليل الآخر ، يتوقّف على ثبوت التّنافي بينهما المتوقّف على وحدة التّكليف النّاشئة من حمل إطلاق الوجوب في أحدهما على المقيّد في الآخر ، بأن يقيّد إطلاق وجوب عتق الرّقبة المؤمنة في مفروض المثالين ، بتحقّق الظّهار المأخوذ قيدا للوجوب في الدّليل الآخر ؛ ومن الواضح : أنّ الحمل المزبور ، أعني : به حمل إطلاق أحد الوجوبين على مقيّدهما ، يتوقّف على ثبوت التّنافي بينهما المتوقّف على وحدة متعلّقيهما النّاشئة من حمل إطلاق أحد المتعلّقين على مقيّدهما ، فيتوقّف الحمل في كلّ من الطّرفين على الحمل في الطّرف الآخر ، وهو مستلزم للدّور». (١)
هذا تمام الكلام في الصّور المذكورة بالنّسبة إلى الأحكام التّكليفيّة الإلزاميّة ، وأمّا الكلام فيها بالنّسبة إلى الأحكام التّكليفيّة غير الإلزاميّة ، وكذا بالنّسبة إلى
__________________
(١) أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٥٣٧.