وإن كان المراد منه ، أنّ سقوط أحدهما عن الفعليّة يستلزم العلم بكذب أحدهما ، فيندرجان في باب المعارضة ، فهو غير مسلّم ؛ لسقوط أحد المتلازمين ـ أيضا ـ عن الفعليّة مع أنّه لا يستلزم كذبه.
والفرق بين التّزاحم والتّعارض وبسط الكلام فيه موكول إلى محلّه.
فتحصّل : أنّ الأمر بالشّيء لا يقتضي النّهي عن ضدّه ، وأنّه تظهر الثّمرة في هذا النّزاع لو قلنا : بكفاية قصد الملاك وعدم الحاجة إلى الأمر في صحّة العبادة ـ كما هو مقتضى التّحقيق ـ وأنّ الملاك يحرز ، إمّا بإطلاق المادّة ، أو بإطلاق الهيئة ، كما هو الحقّ المختار.
(التّرتّب)
قد اتّضح أنّ الأمر بالشّيء لا يقتضي النّهي عن ضدّه ، فيقع الكلام في أنّه ، هل يمنع من الأمر بضدّه ، أم لا؟
ثمّ على المنع ، فهل يمنع عنه مطلقا أو في بعض الأحوال دون بعض؟
ولك أن تقول : إن امتناع اجتماع الأمرين والخطابين الفعليين المتعلّقين بالضّدّين ، هل يوجب سقوط أمر المهمّ مطلقا ، أو يقتضي سقوط إطلاقه بتقييده بعصيان أمر الأهمّ ، وجهان ، بل قولان :
وقبل الورود في تحقيق الحال وتنقيح المقال ، لا بدّ من تحرير مورد النّزاع ، فنقول : إنّ الضّدّين يقسّمان على أقسام ستّة ؛ إذ هما ، إمّا متساويان ملاكا أو متفاضلان ، فيكون لأحدهما مزيّة على الآخر ، وعلى كلّ منهما ، إمّا يكونان مضيّقين