أمّا النّقد عليه ، فنقول : إنّ ملاك تعدّد العقاب هو تعدّد المعصية المتحقّقة ، إمّا بتفويت الملاك ، أو بمخالفة التّكليف الفعليّ ، ومجرّد كون التّخيير عقليّا لا يوجب تعدّد تفويت الملاك ، أو تعدّد مخالفة التّكليف حتّى يتعدّد العقاب.
الصّورة الثّانية : هي ما إذا كان الضّدّان متفاضلين في الملاك مع كونهما مضيّقين ، ولا ريب : أنّ هذه الصّورة هي القدر المتيقّن من مورد النّزاع في مبحث التّرتّب دون باقي الصّور ، كما هو واضح ، وعليه ، فلا ينبغي صرف الوقت في استقصاء جميع الصّور والتّعرض لها.
إذا تبيّن لك مورد النّزاع ، فلنشرع البحث عن التّرتّب ، ولكن قبل ذلك ، ينبغي الإشارة إلى امور ثلاثة :
الأوّل : أنّ البحث في مسألة التّرتّب إنّما هو بحث عقليّ ثبوتيّ يدور الأمر بين إمكان ذلك واستحالته.
الثّاني : أنّ هذه المسألة لم تكن معنونة في كلمات أصحابنا الكبار إلى زمن الشّيخ الكبير كاشف الغطاء قدسسره (١) وإن كان لبّه موجودا في كلمات المحقّق الثّاني ، فأشار قدسسره إليه أوّلا ، ثمّ تعرّض له كاشف الغطاء قدسسره ثمّ أفاد فيه ـ وأجاد في الإفادة ـ السّيّد العلّامة المجدّد الميرزا الشّيرازي قدسسره ونقّحه بعد ذلك تلميذه الجليل السّيّد المحقّق الفشاركي قدسسره وفصّله وأوضحه وشدّد أركانه المحقّق النّائيني قدسسره بترتيب امور وتمهيد مقدّمات. (٢)
__________________
(١) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٣ ، ص ١٠٢.
(٢) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٢٤٨ و ٢٤٩.