منها : ما لو فرض حرمة الإقامة على المسافر من أوّل الفجر إلى الزّوال فحينئذ وإن وجب عليه الإفطار وحرم عليه الصّوم بترك الإقامة ، إلّا أنّه لو عصى ونوى الإقامة ، لا إشكال في الحكم بوجوب الصّوم وحرمة الإفطار عليه ، وهذا هو التّرتّب.
ومنها : ما لو فرض وجوب الإقامة على المسافر من أوّل الزّوال ، فحينئذ وإن وجب عليه التّمام ، إلّا أنّه لو عصى ولم يقصد الإقامة ، لا إشكال في وجوب القصر عليه ، وكذا لو فرض حرمة الإقامة عليه في الفرض ، فإنّه وإن كان مخاطبا حينئذ بوجوب القصر ، إلّا أنّه لو عصى ونوى الإقامة يجب عليه التّمام ، ولا معنى لذلك إلّا التّرتّب؟
ومنها : ما لو فرض على شخص دين قبل عام الرّبح ، فإنّه وإن كان مخاطبا بأداء الدّين ، إلّا أنّه لو عصى ولم يؤدّ دينه حتّى انتهى العامّ ، فلا إشكال في وجوب الخمس عليه ، وليس هذا إلّا لأجل توجّه خطاب الخمس إليه بالتّرتّب.
وبالجملة : أنّ الالتزام بهذه الفروع وأمثالها ، التزام بالتّرتّب لا محالة ، كما لا يخفى.
ومن هنا ظهر ، أنّ مثل الأمر بقضاء الصّلاة بعد سقوط الأمر بأدائها ، وكذا مثل الأمر بالطّهارة التّرابيّة بعد سقوط الأمر بالطّهارة المائيّة ، ليس من باب التّرتّب ، ولا كلام ولا خلاف في جوازه ووقوعه ؛ وذلك ، لما ظهر لك آنفا ، من أنّ مورد التّرتّب هو اجتماع حكمين فعليّين في زمان واحد ، ولكن أحدهما وهو الأهمّ مطلق ، والآخر وهو المهمّ مشروط بعصيان المطلق ، والمفروض ، أنّ في مورد القضاء لا يجتمع الخطاب الأدائي مع الخطاب القضائي في زمان واحد.