ولك أن تقول : أنّ اجتماع الأمرين الفعليّين في زمان واحد ، إنّما يلزم منه طلب الجمع المحال ؛ إذا طلب المولى الجمع بينهما بعنوانه بأمر واحد ، كأن يقول : «اجمع بين الصّلاة والإزالة» أو طلبهما بأمرين فعليّين على نحو بشرط شيء ، كأن يأمر بالصّلاة بشرط امتثال أمر الإزالة وفي حالها ، ويأمر بالإزالة المقارنة للصّلاة وفي حالها ، أو طلب أحدهما ، كذلك كأن يأمر بالصّلاة بشرط الإزالة وفي حالها ، أو طلبهما على وجه الإطلاق ، وعلى نحو لا بشرط ؛ بأن يكون كلّ منهما مطلقا بالنّسبة إلى حال امتثال الآخر ، حيث إنّ الإطلاق ـ أيضا ـ ينتج نتيجة التّقييد ، فيقتضي إيجاب الجمع ، كأن يأمر بالصّلاة مطلقا ، سواء حال الإزالة ، أو لا.
ومن المعلوم : أنّ التّرتّب ليس من قبيل تلك الصّور ، بل المفروض فيه هو أنّ طلب المهمّ يكون على نحو بشرط لا ، وهو بشرط عدم إتيان الأهمّ وفي حال تركه ، وهذا لا يوجب الجمع بين الضّدّين ، بل يوجب نقيضه وهو التّفريق بينهما ، إذ لا فعليّة لأمر المهمّ إلّا في ظرف عصيان الأهمّ وتركه.
وبالجملة : لزوم طلب الجمع بين الضّدّين منوط بتعلّق الأمرين بهما في عرض واحد وعلى نحو الإطلاق ، وأمّا التّرتّب بإطلاق الأهمّ واشتراط المهمّ بعصيانه ، فلا يلزم منه ذلك ، بل يلزم نقيضه ، فالمكلّف إمّا يفعل الإزالة فقط ، أو يتركها ، فيفعل الصّلاة فقط وليس مأمورا بفعلهما معا.
ثمّ إنّه ينبغي الإشارة هنا إلى موردين تمهيدا لإيضاح إمكان التّرتّب وعدم لزوم محذور طلب الجمع بين الضّدّين.
الأوّل : أنّ الأمر ، بل كلّ خطاب وحكم شرعيّ لا يكون ناظرا إلى موضوعه