بينهما ، فلم يقل : «أزل حال الصّلاة أو صلّ حال الإزالة» بل قال : «أزل وصلّ حال ترك الإزالة وعصيان أمرها» والغفلة عن هذه النّكتة قد جرّت بعض الأساطين وأرباب الدّراية إلى القول بامتناع التّرتّب واستحالته ، فزعم أنّ اجتماع الطّلبين الفعليّين المتعلّقين بالضّدّين يستلزم طلب الجمع بين الضّدّين ، وقد عرفت : عدم استلزامه لذلك ، بل عرفت : أنّ مقتضاهما هي المفارقة بينهما في مقام الامتثال.
الأمر الثّاني (من الامور الّتي استدلّ بها على استحالة التّرتّب) : ما أشار إليه المحقّق الخراساني قدسسره (١) ـ أيضا ـ محصّله : أنّه لو كان الأهمّ والمهمّ كلاهما واجبين طوليّين على وجه التّرتّب ، لزم أن يعاقب تارك كليهما بعقابين ويستحقّ عقوبتين :
إحداهما بإزاء ترك الأهمّ ، والاخرى بإزاء ترك المهمّ.
ومن المعلوم : أنّ الاستحقاق لا بدّ وأن يكون بإزاء ما هو مقدور للمكلّف لاستقلال العقل بقبح العقاب على ما لا يقدر عليه ، والمفروض ، استحالة الجمع بين المتعلّقين وهما الأهمّ والمهمّ ؛ لمكان المضادّة بينهما ولو تشريعا ، كالصّلاة والإزالة ، ومع عدم مقدوريّة الجمع ، كيف يعاقب على تركهما.
ونتيجة ذلك كلّه هو وحدة العقوبة وهو العقاب على ترك خصوص الأهمّ ، ولازم هذا نفي التّرتّب والاعتراف بعدم تعلّق أمر فعليّ مولويّ بالمهمّ.
ولك أن تقول اختصارا : أنّ لازم التّرتّب هو تعدّد العقاب ، وحيث لا تعدّد فلا ترتّب ، وهذا ممّا يسمّونه برهانا إنيّا.
وفيه : أنّه لا مانع من الالتزام بتعدّد العقاب في مثل المقام.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول ، ج ١ ، ص ٢١٨.