إذا عرفت ما ذكرنا ، فاعلم ، أنّ الحقّ تعلّق الأوامر بنفس الكلّي ، والعنوان بلا قيد الوجود ، فيطلب الآمر إيجاده أو يبعث إلى ذلك الكلّي والعنوان كي يوجد.
ويدلّ على ما ذكرنا امور :
أحدها : الوجدان ، كما أشار إليه المحقّق الخراساني قدسسره بقوله : «وفي مراجعة الوجدان للإنسان غنى وكفاية عن إقامة البرهان على ذلك ، حيث يرى إذا راجعه ، أنّه لا غرض له في مطلوباته إلّا نفس الطّبائع ، ولا نظر له إلّا إليها من دون نظر إلى خصوصيّاتها الخارجيّة وعوارضها العينيّة ، وأنّ نفس وجودها السّعي بما هو وجودها ، تمام المطلوب وإن كان ذاك الوجود لا يكاد ينفكّ في الخارج عن الخصوصيّة». (١)
ثانيها : البرهان ، بتقريب : أنّ الأمر يدور مدار الغرض ، والغرض ـ أيضا ـ يدور مدار الطّبيعة ، كما هو واضح ، فلذا لا مناص من تعلّق الأوامر بالطّبيعة دون الأفراد.
ثالثها : الظّهور العرفيّ ، حيث إنّه لو أمر المولى عبده باشتراء اللّحم ـ مثلا ـ بلا ضمّ قرينة دالّة على اللّحم المعيّن والفرد الخاصّ منه ، فلا يفهم العرف منه إلّا أنّ مراد المولى هو اشتراء طبيعيّ اللّحم ، لا الفرد الخاصّ منه ؛ ولذا لا يعاقب العبد لو امتثل بانطباق الطّبيعيّ على أحد الأفراد.
«ثمرة النّزاع»
لا ريب : أنّ الثّمرة في المقام تظهر في مسألة اجتماع الأمر والنّهي ، وكذا مسألة لزوم قصد القربة وعدمه بالنّسبة إلى الخصوصيّات ، كما هو واضح ، ولا حاجة إلى التّفصيل والشّرح.
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٢٢.