الجهة التّاسعة :
(الواجب التّخييريّ والتّعيينيّ)
اعلم ، أنّه لا حاجة في المقام إلى إطالة الكلام والإكثار فيه ، ونقل المحتملات ونقد المزيّفات بعد وقوع كثير من الواجبات على وجه التّخيير في العرفيّات والشّرعيّات.
نعم ، لا بأس بالتّعرض للإشكال الثّبوتي على الواجب التّخييريّ ، فنقول : إنّ تقريبه ـ على ما يستفاد من الإمام الرّاحل قدسسره (١) ـ متوقّف على بيان امور :
الأوّل : أنّ الوجود مطلقا أىّ وجود كان ، مساوق للتّشخص والتّعيّن الواقعي ، كما ثبت ذلك في العلم المعقول ، حيث قالوا : «الشّيء ما لم يتشخّص لم يوجد وما لم يوجد لم يتشخّص».
الثّاني : أنّ التّردّد الواقعي لا يجامع الوجود ، خارجيّا كان أو ذهنيّا ، فلا يمكن أن يكون الوجود متردّدا واقعا بين الشّيئين ، أو الأشياء ، لرجوعه إلى اجتماع النّقيضين ؛ إذ الوجود هو التّشخّص والتّعيّن ، والتّردّد هو اللّاتشخّص واللّاتعيّن ، وهما نقيضان لا يجتمعان.
الثّالث : أن الإرادة سواء كانت تكوينيّة ، أو تشريعيّة تكون من الأوصاف الحقيقيّة ذات الإضافة ـ قبال الحقيقيّة والإضافة المحضتين ـ فلا بدّ في تحقّقها من وجود المضاف إليه.
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ص ٢٨٧ و ٢٨٨.