(التّخيير بين الأقلّ والأكثر)
قد وقع النّزاع بين الاصوليين في أنّه ، هل يمكن التّخيير بين الأقلّ والأكثر ، أم لا؟
قبل بيان المختار في المسألة ، لا بدّ من تعيين مورد النّزاع ، فنقول : إنّ محطّ الدّعوى هو الأقلّ المأخوذ بنحو لا بشرط ، لا المأخوذ بنحو بشرط لا ، وإلّا لكان التّخيير بين المتباينين ، حيث إنّ الأقلّ حينئذ يكون ماهيّة بشرط لا ، فتباين الأكثر الّذي يكون ماهيّة بشرط شيء ، كما لا يخفى ، وهذا النّحو من التّخيير ممّا لا إشكال في إمكانه ، بل هو واقع في الخارج عرفا وشرعا ، فمثل ذلك خارج عن مورد النّزاع قطعا.
ومن هنا ظهر ، أنّ ما عن المحقّق الخراساني قدسسره (١) من اعتبار الأقلّ بنحو بشرط لا ، خارج عن مصبّ النّزاع ، وداخل في باب التّخيير بين المتباينين الّذي عرفت أنّه ممكن ، بل واقع في الخارج.
إذا عرفت هذا ، فاعلم ، أنّ مقتضى التّحقيق في المسألة عدم معقوليّة التّخيير ، بين الأقلّ المأخوذ لا بشرط ، وبين الأكثر ؛ إذ بمجرّد تحقّق الأقلّ ولو في ضمن الأكثر يحصل الغرض ، فلا مجال للإتيان بالأكثر كي يكون واجبا تخييريّا ، بل يكون الأمر بالزّائد على الأقلّ حينئذ لغوا ، وبالجملة : فما هو المعقول في التّخيير بين الأقلّ والأكثر ـ كما إذا اخذ الأقلّ بنحو بشرط لا ـ يئول إلى التّخيير بين المتباينين ويكون خارجا
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٢٧.