الجهة الحادية عشر :
(الواجب الموسّع والمضيّق)
اعلم ، أنّ الواجبات الواردة في الشّرع على قسمين :
أحدهما : ما عيّن له وقت معيّن شرعا بحيث لا يجوز تأخيره عنه ، وهو تارة يكون فعله مساويا لوقته المعيّن ، كالصّوم ، ويسمّى بالواجب المضيّق ؛ واخرى يكون فعله ناقصا عن وقته ، كالصّلوات اليوميّة ، فيسمّى بالواجب الموسّع.
وأمّا زيادة الفعل على وقته المعيّن له فممتنعة.
ثانيهما : ما لم يعيّن له وقت شرعا ، وهذا ـ أيضا ـ تارة يكون واجبا فوريّا كردّ السّلام والأمر بالمعروف وإزالة النّجاسة عن المسجد ؛ واخرى يكون واجبا غير فوريّ ، كالصّلاة على الميّت وقضاء الفائتة ونحوهما.
ثمّ إنّه قد اشكل (١) على الواجب المضيّق ، بأنّ الانبعاث لا بدّ وأن يكون متأخّرا عن البعث ، ومع تقدّم البعث عليه لا يكون مضيّقا.
ولكنّه مندفع : أوّلا : بأنّ التّقدّم والتّأخّر في المقام يكون رتبيّا لا زمانيّا.
وثانيا : بأنّ الكلام هنا في الواجب لا الوجوب ، ولا ملازمة بين توسّع الوجوب زمانا وتوسّع الواجب كذلك.
__________________
(١) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٤ ، ص ٦٠.