الجهة الثّالثة عشر :
(الأمر بشيء بعد الأمر به)
اعلم ، أنّه إذا وقع الأمر بشيء بعد الأمر به قبل امتثاله ، فلا يخلو من إحدى صور ثلاثة :
إحداها : أن يكون الأمر الثّاني متعلّقا بعين ما تعلّق به الأمر الأوّل من غير تقييد بمثل مرّة اخرى وبلا إناطة وتعليق وذكر سبب ، أو مع ذكر سبب واحد وتعليق فارد.
ثانيتها : أن يكون الأمر الثّاني مقيّدا بمثل مرّة اخرى.
ثالثتها : أن يذكر لكلّ واحد من الأمرين سبب مستقلّ ، نظير : «إن ظاهرت فأعتق رقبة ، وإن أفطرت فأعتق رقبة» أو نظير : «إن نمت فتوضّأ ، وإن بلت فتوضّأ».
ولا يخفى : أنّه لا كلام بين الأعلام في أنّ الأمر الثّاني في الصّورة الثّانية يحمل على التّأسيس لا التّأكيد ؛ وذلك ، لوجود القرينة الدّالّة عليه وهي التّقييد بمثل مرّة اخرى ، كما هو واضح.
إنّما الكلام في الصّورة الاولى والثّالثة ، فوقع النّزاع بينهم في أنّ الأمر الثّاني فيهما ، هل يكون تأكيدا للأمر الأوّل ، أو يكون تأسيسا مستقلّا؟
والّذي يرتبط بالبحث هنا هو الصّورة الاولى ، والحقّ فيها هو التّأكيد ، كما يقتضيه الظّاهر المتبادر.