أنّ مثل ذلك داخل في المبادي التّصديقيّة لمسألة الجواز والامتناع ، وأنّه يكون من براهين إثبات ما ذكر من المحمول ـ وهو الجواز أو الامتناع ـ لما ذكر من الموضوع ـ وهو تعلّق الأمر والنّهي بعنوانين ـ حيث إنّ الجواز مبتن على كون تعدّد العنوان مجديا ، أو على عدم السّراية وإنّ الامتناع مبتن على خلافه.
وعليه : فما عن المحقّق الخراساني قدسسره من أنّ الجهة المبحوثة عنها في المسألة هي أنّ تعدّد الوجه والعنوان في الواحد ، هل يوجب تعدّد متعلّق الأمر والنّهي أو لا يوجبه ، فالنّزاع في سراية كلّ من الأمر والنّهي إلى متعلّق الآخر وعدم سرايته (١) ، خلط بين المسألة ومباديها التّصديقيّة.
وكذلك ما عن بعض الأعاظم قدسسره من أنّه لا يعقل أن يكون النّزاع كبرويّا ، بل النّزاع إنّما هو في الصّغرى ، بمعنى : أنّه يقع الكلام في أنّ النّهي المتعلّق بطبيعة الغصب ، هل يسري منها إلى ما تنطبق عليه طبيعة الصّلاة المأمور بها ، أم لا (٢)؟
أضف إلى ذلك ، أنّ سراية النّهي إلى ما ينطبق عليه طبيعة الصّلاة في الخارج وبالعكس ، معناها : هو كون الخارج متعلّقا للأمر والنّهي ، وقد أشرنا مرارا ، إلى أنّ الخارج هو ظرف سقوط التّكليف لا ثبوته.
(تمايز المسألة عن مسألة النّهي في العبادات)
الأمر الرّابع : أنّ هذه المسألة متمايزة عن مسألة النّهي في العبادات ـ كما
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٣٤.
(٢) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٤ ، ص ١٦٤ و ١٦٥.