لا يقال : إنّ المانع هنا هو اعتبار قصد الوجه حيث إنّه لا يحصل بالاحتياط.
لأنّه يقال : أوّلا : لا دليل على اعتبار قصد الوجه في العبادات ؛ وثانيا : لو سلّم ذلك ، فعمدة ما يدلّ عليه هو الإجماع ، وأنت ترى ، أنّه لا إجماع على اعتباره في الواجبات الضّمنيّة ، كما أنّ المشهور هو عدم اعتباره فيها ؛ وثالثا : لو سلّم وجود الإجماع هنا ، فلا يعتمد عليه ؛ لكونه مدركيّا أو محتمل المدركيّة ، حيث إنّ المتيقّن أو المحتمل استناد المجمعين في اعتبار القصد إلى أنّ حسن الفعل وقبحه يدوران مدار القصد ، بمعنى : أنّ المعنون بعنوان خاصّ إنّما يصير حسنا أو قبيحا لو فعل مع قصده بعنوانه ، وإلّا فلا ؛ وذلك ، نظير ضرب اليتيم ، فإنّه بقصد التّأديب حسن وبدونه قبيح ، ففي المقام يحتمل إناطة حسن الفعل بعنوان خاصّ وهو الوجوب أو النّدب ، فلا بدّ من قصده كي يصير الفعل حسنا ، ومع الجهل به بخصوصه لا يمكن قصده ، فلا يمكن الاحتياط.
ولكن يندفع : بأنّ الحاكم في باب الإطاعة والعصيان هو العقل وهو لا يحكم إلّا بامتثال أمر المولى بإتيان متعلّقه أو نهيه بتركه ، والزّائد على ذلك ـ كقصد العنوان ـ فإن دلّ على اعتباره دليل من نقل أو عقل ، فهو ، وإلّا فالمرجع في دفع اعتباره هو الإطلاق اللّفظيّ أو المقاميّ ، أو الأصل العمليّ ، ولو وصل الدّور إلى الشّكّ يكون المرجع هو الإطلاق اللّفظيّ لو كان ، أو البراءة لو لم يكن ، أو الإطلاق المقاميّ لو لم يمكن اللّفظي. بتقريب : أنّ مجرّد عدم تنبيه الشّارع على اعتبار قصد الوجه كاشف عن عدم اعتباره ، وإلّا كان عليه التّنبيه بأيّ نحو ممكن ولو بالإخبار ، لكون مثل هذا