من القيود المغفول عنها عند نوع المكلّفين ، كما أشار إليه المحقّق الخراساني قدسسره (١) ، هذا كلّه في قصد الوجه.
وأمّا قصد التمييز ، فإن كان بمعنى قصد العنوان فهو حاصل في الاحتياط ، وإن كان بمعنى قصد تمييز الواجب عن غيره ، ففيه : أنّ الواجب بوجوده الواقعي متميّز عن غيره قهرا بلا حاجة إلى قصد العنوان وقصد المكلّف وبوجوده العلمي ـ بأن يكون التّمييز بمعنى العلم ـ فليس قصديّا ، فلو كان المكلّف جاهلا بالواجب لم يرتفع جهله بمجرّد قصد العلم والتّمييز ، بل يرتفع بمجرد العلم بنفسه ، كما لا يخفى.
الصّورة الثّالثة : فيما إذا كان التّكليف المعلوم بالإجمال استقلاليّا مع عدم لزوم تكرار العمل بالاحتياط ، كما إذا شكّ في وجوب غسل الجمعة واستحبابه ، فيأتي به احتياطا.
وتوهّم مانعيّة اعتبار قصد الوجه هنا ـ أيضا ـ مندفع بالإطلاق اللّفظيّ ، أو البراءة أو الإطلاق المقاميّ على نحو ما ذكرناه آنفا ؛ ودعوى الإجماع على اعتبار قصد الوجه هنا مردودة بما أشرنا في الصّورة الثّانية ، والكلام في اعتبار قصد التّمييز في هذه الصّورة والجواب عنه ، هو ما مرّ في الصّورة الثّانية ، فراجع.
الصّورة الرّابعة : فيما إذا كان التّكليف محتملا محضا ، غير معلوم أصلا بلا استلزام التّكرار ، كما إذا دار الأمر بين الوجوب والإباحة ، فيحتاط ويأتي بالعمل برجاء الوجوب والأمر.
ودعوى مانعيّة اعتبار قصد الوجه في هذه الصّورة ـ أيضا ـ ممنوعة بما
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٩ و ٤٠.