إحداها : الامتثال التّفصيليّ ؛ ثانيتهما : الامتثال العلميّ الإجماليّ ؛ ثالثتها : الامتثال الظّنّيّ ؛ رابعتها : الامتثال الاحتماليّ ، فلا يكفي الامتثال الإجماليّ عند التّمكّن من التّفصيليّ.
وقال قدسسره في وجه ذلك ، ما حاصله : إنّ حقيقة الطّاعة عند العقل هو أن يكون عمل الفاعل حال العمل بداعي تعلّق الأمر به ، وهذا المعنى غير متحقّق في الامتثال الإجماليّ ؛ إذ المفروض فيه ، أنّ المكلّف يعلم بتعلّق الأمر بأحد فردي التّرديد ، وواضح ، أنّ مجرّد العلم به لا يقتضي أن يكون علمه بداعي تعلّق الأمر به ، أو انبعاثه عن بعث المولى ، بل أقصاه أن يكون العمل بداعي احتمال الأمر ، والانبعاث عن احتمال البعث بالنّسبة إلى كلّ من العملين.
نعم ، هذا النّحو من الانبعاث ـ أيضا ـ نحو من الطّاعة عند العقل ، إلّا أنّه في رتبة متأخّرة عن الامتثال التّفصيليّ ، وعليه ، فمدّعي القطع بتقدّم رتبة الامتثال التّفصيليّ على الامتثال الإجماليّ في الشّبهات الموضوعيّة والحكميّة مع فرض التّمكّن من إزالة الشّبهة ، غير مجازف.
ولو وصل الدّور إلى الشّكّ فالمرجع هو الاشتغال لا البراءة ، لرجوع الشّكّ حينئذ إلى الشّكّ في تعيين الامتثال التّفصيليّ ، والتّخيير بين الامتثال التّفصيليّ والإجماليّ. (١)
وفيه : أوّلا : أنّ المكلّف عند إتيانه العمل بداعي احتمال الأمر كان أرقى وأطوع عند إتيانه بداعي الأمر القطعيّ ، كما هو واضح.
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٣ ، ص ٦٩ إلى ٧٣.