العمل بالأمارة دون التّجزّي في الاحتياط ثانيا» (١).
ولكن يمكن أن يقال في دفع هذا الإيراد : إنّ إصابة الواقع والوصول إليه بالاحتياط النّاقص ، ليست بأكثر من الوصول والإصابة بالأمارة ، مضافا إلى ما في العمل بها من التّسهيل والسّهولة ، أو يقال : إنّ العمل بالأمارة يكون ذا مصلحة جابرة ، أو العمل بالاحتياط يكون ذا مفسدة غالبة.
وقد أورد على المحقّق النّائيني قدسسره ـ أيضا ـ شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره ذلك الإيراد المذكور بتقرير آخر ، فقال : «إنّ المنافي لأساس السّهولة والسّماحة الشّريعة ليس إلّا الاحتياط التّام المخلّ بالنّظام ، أو الموجب للعسر والحرج ، وأمّا الاحتياط غير التّام ، فلا» (٢).
ولا يخفى : أنّ هذا التّقرير خال عن الإشكال والإيراد. هذا تمام الكلام في محذور التّفويت.
وأمّا محذور نقض الغرض ، فهو ـ أيضا ـ ممّا لا يدفع بالبيان الّذي تقدّم في دفع سائر المحاذير ، ووجهه ظاهر ، إلّا أنّ المحقّق العراقي قدسسره قد تصدّى لدفعه في ظرف الانسداد ، فقال ما هذا لفظه : «وأمّا شبهة نقض الغرض وتفويت المصلحة فهما غير جاريتين في ظرف الانسداد ؛ لأنّ فوت الغرض والمصلحة حينئذ أمر قهريّ لازم بمقتضى حكم العقل بالبراءة ، فلا يكون ذلك مستندا إلى التّعبّد بالأمارة ، كما هو واضح» (٣).
__________________
(١) أنوار الهداية : ج ١ ، ص ١٩٣.
(٢) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.
(٣) نهاية الأفكار : ج ٣ ، ص ٥٩.