العلوم العقليّة أصلا ، ونتيجة ذلك ، عدم لزوم محذور اجتماع الضّدّين عند التّعبّد بالأمارة مع فرض مخالفتها للواقع.
وثانيا : أنّ الأحكام الواقعيّة في جميع موارد الاصول والأمارات تكون مشتركة بين العالمين والجاهلين ؛ لعدم تقيّد الخطابات الشّرعيّة بحال العلم وعدم اختصاصه بالعالم فقط.
نعم ، الأحكام بالنّسبة إلى العالم بها تكون فعليّة عالية ، ضرورة ، أنّ هذه الفعليّة منوطة عقلا بالعلم والاطّلاع ، كما أنّها منوطة بالتّمكّن والقدرة ـ أيضا ـ ولذا قلنا في غير موضع : أنّ تنجّز التّكليف منوط بأمرين : أحدهما : قيام الحجّة ؛ ثانيهما : وجود القدرة.
وأمّا بالنّسبة إلى الجاهل بالأحكام ، فهي تكون إنشائيّة أو فعليّة دانية ؛ وقد أشار الإمام الرّاحل قدسسره إلى هذا التّقسيم بقوله : «إنّ لفعليّة التّكليف مرتبتين ؛ إحداهما : الفعليّة الّتي هي قبل العلم ، وهي بمعنى : تماميّة الجهات الّتي من قبل المولى ، وإنّما النّقصان في الجهات الّتي من قبل المكلّف ، فإذا ارتفعت الموانع الّتي من قبل العبد يصير التّكليف تامّ الفعليّة وتنجّز عليه ؛ وثانيتهما : الفعليّة الّتي هي بعد العلم وبعد رفع سائر الموانع الّتي تكون من قبل العبد وهو التّكليف الفعليّ التّام المنجّز» (١).
وقد أشار ـ أيضا ـ شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره إلى هذا التّقسيم حيث عبّر عن الفعليّة الدّانية ، بالفعليّة بلا فاعليّة ومحرّكيّة ؛ وعن الفعليّة العالية ، بالفعليّة مع الفاعليّة والمحرّكيّة. (٢)
__________________
(١) أنوار الهداية : ج ١ ، ص ٢٠٠.
(٢) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.