وكيف كان ، الأحكام الواقعيّة تكون إنشائيّة ، أو فعليّة دانية بالنّسبة إلى الجاهلين ، وإلى موارد الاصول والأمارة المخالفة للواقع ، ومعه لا مانع ولا محذور في التّرخيص الفعليّ على خلافها ، لا محذور اجتماع الضّدّين ، ولا محذور آخر ، كما لا يخفى.
فلا بدع في كون صلاة الجمعة حراما في موقف الجعل والإنشاء ، ومرحلة الفعليّة الدّانية ، وواجبة في موقف الظّاهر ومرحلة الفعليّة العاليّة.
وبالجملة : مفاد أدلّة اعتبار الاصول والأمارات ليس إلّا ترتيب الآثار حتّى آثار الطّهارة ، كما في قوله عليهالسلام : «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» (١) ، وآثار الحلّية كما في قوله عليهالسلام : «كلّ شيء هو لك حلال» (٢) ، فإن أصاب الواقع فهو ، وإلّا بقي الحكم الواقعيّ في موقف الجعل والإنشاء ، ومرحلة الفعليّة الدّانية ، ويصير مفاد الأمارات ، أو الاصول فعليّا تامّا في موقف العمل ، فلا يلزم محذور أصلا. هذا بالنّسبة إلى محاذير اجتماع المثلين أو الضّدّين أو النّقيضين.
وأمّا محذور التّفويت ونقض الغرض ، فقد عرفت : أنّه غير مندفع بناء على الانفتاح ، ووجهه واضح ، إلّا أنّ المحقّق النّائيني قدسسره قد دفعه بقوله : «إنّه لا يلزم عليه محذور التّفويت ؛ إذ المراد من الانفتاح هو إمكان الوصول إلى الواقع بالسّؤال عن شخص الإمام عليهالسلام لا فعليّته ، حيث إنّ الانفتاح بهذا الوجه ممّا لا يمكن دعواه ، فقد يكون الشّخص متمكّنا من الوصول إلى الواقع ولكن لم يصل إليه ؛ لاعتماده على الطّرق
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ٢ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٣٧ من أبواب النّجاسات ، الحديث ٤ ، ص ١٠٥٤.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ١٢ ، كتاب التّجارة ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤ ، ص ٦٠.