وعدم الإصابة ، يكون منشؤه عدم إيجاب الشّارع للاحتياط ، فكأنّه لعدم اهتمامه بالواقع ، وعدم تشديد أمر الواقع بطريق إيجاب الاحتياط ، فوّت المصلحة في موارد القطع مع عدم الإصابة ، كتفويته الاختياريّ في موارد الأمارة عند خطائها وعدم الإصابة.
وإن شئت ، فقل : إنّه لا فرق بين موارد القطع غير المصيب ، وموارد الأمارات غير العلميّة المخطئة ، في استناد فوت المصلحة والوقوع في المفسدة إلى الشّارع ، حيث إنّه لم يوجب الاحتياط ، ففوّت الواقع بعدم إيجابه له ، ولذا فاتت المصلحة ، أو وقع المكلّف في المفسدة. وعليه ، فالتّفويت في كلا الموردين اختياريّ.
ثمّ إنّه قد يتمسّك لدفع شبهة تفويت مصلحة الواقع من ناحية التّعبّد بالأمارة غير العلميّة ، بالمصلحة السّلوكيّة ، كما قال بها الشّيخ الأنصارى قدسسره ، وقد أوضح المحقّق النّائيني قدسسره هذه المقالة بعد ما قال : «فلنا أن نلتزم بالسّببيّة على وجه تتدارك المصلحة الفائتة على اصول المخطّئة من دون أن يلزم التّصويب الباطل» (١).
محصّل كلامه قدسسره أنّ سببيّة الأمارة لحدوث المصلحة الجابرة المتدارك بها المصلحة الفائتة عند خطائها ، على وجوه ثلاثة : (٢)
الأوّل : السّببيّة الأشعريّة ، بأن يكون قيام الأمارة عند الجاهل بالأحكام الواقعيّة سببا لحدوث مصلحة مستتبعة لجعل أحكام على طبقها ، وقضيّة ذلك ، اختصاص الأحكام الواقعيّة بالعالمين ولا يكون للجاهلين إلّا مؤدّيات الأمارة ، وهذه
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ٩٤.
(٢) راجع ، فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ٩٥ و ٩٦.