تكون المصلحة فيه أقوى ، فلا يلزم تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة ، وهذا هو التّصويب المعتزليّ الّذي يدلّ على بطلانه قيام الإجماع ودلالة الرّوايات على الاشتراك ، وأنّ الواقع لا يتغيّر عمّا هو عليه بقيام الأمارة ، مضافا إلى ما عرفت : من أنّ الأماريّة تنافي السّببيّة بأيّ وجه كانت ، فافهم.
الوجه الثّالث : السّببيّة السّلوكيّة ، بأن يكون قيام الأمارة موجبا لحدوث مصلحة في السّلوك على طبقها والتّطرق بها وتطبيق العمل على مؤدّاها والبناء على أنّه هو الواقع بترتيب آثاره عليه ، فعلى هذا المسلك ـ أيضا ـ تندفع شبهة التّفويت بل نقض الفرض ـ كما عن شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره ـ إذ يتدارك بهذه المصلحة ما فات على المكلّف من مصلحة الواقع بسبب قيام الأمارة على خلافه ، ولا يلزم التّصويب الباطل هنا ـ أيضا ـ بداهة ، أنّ الواقع والمؤدّى باقيان على ما هما عليه من المصلحة والمفسدة بلا حدوث مصلحة في المؤدّى بسبب قيام الأمارة غير ما كان عليه قبل قيامها.
هذا ولكن أورد على هذا المسلك بوجوه :
منها : ما عن الإمام الرّاحل قدسسره فقال ، ما حاصله (١) : أنّه يرد على المصلحة السّلوكيّة امور :
الأوّل : أنّه لا أساس لها أصلا ؛ إذ لا شأن للأمارات إلّا الطّريقيّة والإيصال إلى الواقع ، وهي طرق عقلائيّة إمضائيّة يعمل بها العقلاء ؛ لمكان مرآتيّتها وأمضاها الشّرع لأجل هذه الخصوصيّة ، فليست في سلوكها أيّة مصلحة.
الثّاني : أنّ السّلوك والتّطرّق والتّطبيق والبناء وأمثالها ، مفاهيم مصدريّة
__________________
(١) راجع ، أنوار الهداية : ج ١ ، ص ١٩٤ و ١٩٥.