نسبيّة ، لا حقيقة لها إلّا في عالم الاعتبار ، فلا تتّصف بالمصالح والمفاسد ، بل مصبّ المصلحة والمفسدة نفس العناوين الواقعيّة ، كالصّلاة والخمر.
الثّالث : أنّه لو كانت المصلحة في سلوك الأمارة وتطرّق الطّريق وراء ما في الواقع في الإخبار عن الامور الشّرعيّة ، لزم قيامها ووجودها في السّلوك والتّطرّق في الإخبار عن الامور العادية ـ أيضا ـ وهذا ، كما ترى.
والقول بقيامها في خصوص تطرّق الطّريق القائم على الحكم الشّرعيّ ، مجازفة.
الرّابع : أنّه يلزم من تدارك المصلحة الواقعيّة بالسّلوكيّة ، الإجزاء وعدم لزوم الإعادة والقضاء ، لسقوط الأمر رأسا بالتّدارك ، وهذا ـ أيضا ـ كما ترى.
ومنها : ما عن بعض الأعاظم قدسسره (١) من أنّ السّببيّة بهذا المعنى يستلزم تبدّل الحكم الواقعيّ بنوع من التّصويب. بتقريب : أنّ سلوك الأمارة لو كان مشتملا على مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع الفائتة ، لا يعقل تعلّق الإيجاب بالواقع تعيينا ، لكونه ترجيحا بلا مرجّح ، بل لا بدّ حينئذ من تعلّقه به ، وبالسّلوك تخييرا ـ مثلا ـ لو فرض أنّ مصلحة صلاة الظّهر تقوم بأمرين : أحدهما : نفس صلاة الظّهر ، وثانيهما : سلوك الأمارة الدّالّة على وجوب صلاة الجمعة لمن لم ينكشف له الخلاف ، فامتنع من الشّارع الحكيم تخصيص الوجوب الواقعي بخصوص صلاة الظّهر ؛ لقبح التّرجيح بلا مرجّح.
وعليه : فلا يكون الحكم الواقعيّ مشتركا بين العالم والجاهل بنحو واحد ، بل
__________________
(١) راجع ، مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٩٧.